السياحي
فرصة لاكتشاف الجمال وادي الأبيض: التقاء الماء والحجر
(وادي الأبيض) بولاية نخل بمحافظة جنوب الباطنة، أحد الأودية الكبيرة والشهيرة في عُمان عامة ومحافظة جنوب الباطنة خاصة؛ لما يتميز به من خصائص جعلت منه مكانا للحياة بشتى أصنافها. ترفده العديد من الأودية والشعاب المنسابة من سلسلة جبال الحجر الغربي؛ حيث تبدأ من قمم الجبل الأخضر بولاية نزوى بمحافظة الداخلية منحدرة باتجاه الشمال مُشكِّلة وادي بني خروص بولاية العوابي وغيرها من الأودية والشعاب الأخرى على طول وادي بني خروص لمسافة أكثر من عشرين كيلومترا، وتضاف له الأودية الشرقية لولاية العوابي كالشارقة والخلو واللصامي وغيرها، ثم يواصل طريقه ليلتقي بوادي المْصَنْعَة وأودية بني حرّاص التابعة لولاية نخل كما يشاركها وادي مستل الشهير حين يلتحم معها هو الآخر على مشارف قرية الصبيخاء لتستقبل قرية الأبيض هذه النعمة القادمة من مسافة تعدت عشرات الكيلومترات والتي أحصاها كبار السن بقولهم إنها وصلت إلى( 363 ) من الأودية و الشعاب مجتمعة.
زار الوادي : سامي بن خلفان البحري
يسلك الوادي طريقه المتعرج بين الجبال ووسط الصخور وأحيانا في أماكن منبسطة تاركا وراءه واحات من المياه العذبة والبرك المائية خصوصا في الشتاء، وعددا متنوعا من الأشجار والأزهار والنباتات حتى يخرج إلى رمال ناعمة هي الأخرى مزار سياحي له حديثه الخاص والتي تعرف بـ (خبة الجعدان)، وينتهي المطاف بوادي الأبيض ليغذي واحات جنوب الباطنة ثم يستقر في مياه بحر عمان بعد رحلة طويلة نشر خلالها أصناف الحياة البشرية والبرية والفطرية.
الطريق لوادي الأبيض
من أراد ممارسة هواية المشي على الأقدام فليدخل من قرية الصبيخاء في الجنوب ثم يسير عبر وادي الأبيض لمسافة تقدر بحوالي خمسة عشر كيلومترا تقريبا، يمر من خلالها بالمياه والبرك والمستنقعات والأشجار والنباتات وصولا لقرية الأبيض شمالا، كما يمكن تسلق جبالها الشاهقة على جانبيه. كذلك تدخل سيارات الدفع الرباعي لنصف المسافة تقريبا ممكن يمكن للسياح الاقتراب من المياه والظلال.
أما الوصول لقرية الأبيض من خلال ولاية وادي المعاول في الجهة الشرقية لقرية الأبيض، وذلك من قرية أفي أو من قرية حبراء والاتجاه غربا لمسافة 20 كيلومترا في طريق معبد ومتعرج يمر على قرى الشباك وقلقل ووادي أبو ذهبة والسعادة والخطم التي تضم مدرسة الأبيض والمركز الصحي وعددا من المحلات التجارية والورش وصولا لدوار الخطم ثم الاتجاه غربا لداخل القرية وينعطف يسارا بعد جسر الوادي وبعد كيلومترين ينعطف مرة أخرى جهة اليسار جنوبا ليسلك مسار الوادي مستخدما سيارة الدفع الرباعي نظرا لطبيعة المكان و المياه.
أما الطريق الآخر فهو عبر الشارع السريع الذي افتتح مؤخرا وذلك في الجسر الذي يؤدي جنوبا لقرية الأبيض، أو الجسر الذي يليه والذي يؤدي لخبة الجعدان شمالا وقرية الأبيض جنوبا بعد خمسة وعشرين كيلو مترا تقريبا من ولاية بركاء باتجاه الغرب للقادمين من محافظة مسقط وما جاورها، أو لمسافة عشرين كيلومترا تقريبا للقادمين من جهة الغرب من ولاية الرستاق.
قرية الأبيض
تتميز قرية الأبيض بالمزارع والواحات الخضراء وتنوع المحاصيل وتلال الرمال في جانبها الشمالي والشرقي إضافة للجبال الشاهقة، لا سيما المياه الغيلية المنسابة طوال العام في الوادي والتي تشكل في الشتاء خصوصا البرك المائية والمستنقعات لتمثل فرصة سانحة للسياحة والاستجمام والتخييم والمشي وصعود الجبال وقضاء أسعد اللحظات بصحبة الأسر والعائلات والشباب.
وبالقرية العديد من الآثار والمعالم التاريخية والمنازل الأثرية كبرج العقبة وحصن بيت العود وبرج المناخ والبيوت الأثرية بحجرة الحيل والتي بنيت من الحجارة والطين وديمة بن عيد ومسجد الجامع وجامع المعترض.
ويروى أن سبب تسميتها يعود إلى كثرة مياهها العذبة، وقيل كذلك كناية عن كرم أهلها. ومن علمائها وأدبائها ومشايخها الفقيه الشيخ علي بن سعيد بن خلفان الصبحي والشيخ سعيد بن بشير الصبحي وناصر بن سالم الصبحي وغيرهم.
وتضم قرية الأبيض مجموعة كبيرة من القرى الصغيرة والتجمعات السكانية ومنها: الخطم والحصين والصلية وقلقل وطوي الجْنِي ووادي أبو ذهبة والعلاية والروضة والسفالة وبيت العود والمعترض والعقبة والسيح والجزيرة والكثيب والغبيرة والغيل والمحيدث والشوعية والسعادة وغيرها.
العبتري والخطم
ومن أفلاج الأبيض: فلج العبتري الغيلي الذي يتم تجميعه في (مَعْقد الفلج) قبل قرية الأبيض من الجهة الجنوبية في الوادي ثم يسلك طريقه في (سمام) الفلج ويمر في مكان يسمى (العوقة) وهي قناة مرتفعة صنعت بالصاروج العماني ولا تزال شاهدة على هندسة الإنسان العماني وبراعته في استغلال والاستفادة من مفردات الطبيعة، وقد رممت القناة بالإسمنت من الأعلى أما أسفلها فما زال بالصاروج العماني القديم حتى تخرج مياه الفلج على مشارف القرية ليبدأ رحلة ري مزارعها التي تقع في الجهة الغربية من الوادي. وفلج الخطم الذي يسقي مزارع قرية الخطم، وفلج الشاغي وفلج الحصين وفلج السدر، إضافة إلى بعض الآبار والعيون المائية والتي أهمها عين السخنة الكبريتية.
وقد تم توزيع وتقسيم مياه الفلج بين أصحاب المزارع بنظام دقيق حسب ساعات الليل والنهار وحددت بأسماء معروفة وساروا فيها على نظام (الأثر والبادة)، وقد كان التوقيت وحساب الساعات والدقائق في السابق يعتمد على الظل وضوء الشمس والقمر والنجوم.
تُزرع بقرى الأبيض وتجمعاتها السكانية المتعددة الكثير من المحاصيل والحضميات والأعلاف والنخيل، كما توجد بالوادي النباتات والأشجار كالحَبَن والحلف والسمر والسدر والسرح والخزامى ونبات (مقيبلوة الشمس) والحرمل والجعدة والعسبق والسرح والهندبوب والمقل وصومر الجبل وغيرها، إضافة للحيوانات البرية كالوعل العربي والغزلان والظبي والوشق إضافة إلى تربية نحل العسل.
عين السخنة الكبريتية
على الضفة الغربية لوادي الأبيض تحديدا بين قرية الصبيخاء وقرية الأبيض تقع عين السخنة في وسط الوادي الأبيض، وتكاد فتحة العين الصغيرة لا ترى والمياه الكبريتية تخرج منها ببطء لتتجمع في حوض طبيعي صغير من أصل حجارة الوادي الصلبة، ثم تنساب مع خرير مياه الوادي الغيلية، وهي دائمة الجريان. وتستخدم مياهها الكبريتية في علاج كثير من الأمراض الجلدية، ومن العيون أيضا عين الرواشد بالقرب من (مَعْقَد فلج العبتري).
السياحة تُثري
يُعوّل الكثير على السياحة؛ نظرا لما تتميز بها السلطنة من تنوع فريد بين الجبال والرمال والأودية والسهول والواحات وغيرها، ووادي الأبيض يمكنه أن يكتسب جاذبية أكثر لإثراء الحركة السياحية إليه مع وجود الطريق المعبد إلى داخله نظرا لاستخدام سياراتُ الدفع الرباعي فقط حاليا، كما توجد صعوبة في الدخول بعد هطول الأمطار ونزول الأودية لا سيما وأن بعض المواطنين يمتلكون أشجار النخيل في الوادي. كذلك لا توجد تغطية لشبكة الاتصالات المحمولة بداخل الوادي نظرا للطبيعة الجبلية التي تلف الوادي. إضافة إلى تكثيف جهود وخدمات البلدية لاسيما عمل وتركيب دورات المياه ومظلات واستراحات لجلوس العائلات والسياح، وزيادة حملات التوعية والتثقيف في مختلف الوسائل الإعلامية المقروءة والمسموعة والمرئية والاستفادة القصوى من وسائل التواصل الاجتماعي إيجابيا، والترويج لها سياحيا.