مقالات

كيس السعادة ليس بحوزة أحدهم

 

وفاء بنت ياسر الرواحي 

تقول أم خالد، إنها ترى جارتها أم سعيد امرأة ذات حظ واسع، وقد أخذت النصيب الأكبر من السعادة في هذه الدنيا، لأن سعيد وإخوته أذكياء  جدا، ومتفوقون في المدرسة، ويتحلون بلباقة اجتماعية يشيد بها الجميع، مع أن أم سعيد لا يبدو أنها تبذل جهدًا كبيرًا مع صغارها، أما أنا التي أكرس جل وقتي لرعاية أطفالي          وتوجيههم، لا يحصلون على علامات ممتازة في المدرسة، وعندما أطلب منهم المشاركة في المسابقات المحلية يرفضون ذلك..

 لو أن صغاري يعلمون كم سيسعدني ذلك لما تخاذلوا في رسم الابتسامة على محياي، وفي الجهة الأخرى تقول أم سعيد إنها تتمنى لو أن ابنها يستطيع لعب كرة القدم مع خالد كل مساء، لكنه يعاني من مرض مزمن، يحتم عليه جدول أدوية معين وزيارة دورية للطبيب، تتمنى لو أن ابنها يتمتع بصحة جسمانية مثل رفيقه خالد،  ليستمتع بباقي يومه كبقية أقرانه.

ربما سعيد يعيش حالة من الرضا بخصوص الحظوة الاجتماعية والتألق في المدرسة، وقد يكون خالد سعيدا جدا بممارسته الرياضة والأنشطة المختلفة، ولكن ربما بطريقة أو بأخرى، نحن وأمهات خالد وسعيد نبحث عن الشيء الذي ينقصهم دائما، ونظن أنه سبب وحيد لسعادتنا، وما عدا ذلك فنحن ناقصات حظ وتعيسات، ونظن إلى حد ما أن كيس السعادة بحوزة أحدهم ماذا لو اقتنصناه!!

وعلى سبيل المثال، يظن الكثير منا أن لاعبي كرة القدم لا سيما  المشاهير الكبار منهم قد استحوذوا على نصف مال الدنيا وارتشفوا رحيق الفرح كله، لأنهم يستطيعون شراء أي شيء يرغبون فيه، ويستطيعون تحقيق أحلام صغارهم، إنهم أيضا قادرون على صنع المعجزات والأعاجيب بأعمالهم الخيرية التي تزيد من فرحهم وتؤجج شعلة نجوميتهم في كل مكان، وفوق كل هذا تظل صورتهم ملائكية في أعين معجبيهم، لا يتفوق عليهم أحد ولا ينافسهم أبطال الحروب في دخول القلوب.

 إلا أن  اللاعب  الأرجواياني ادينسون كافاني يبوح بعكس ذلك في مقابلة تلفزيونية تابعتها، وهو يعبر عن مدى حزنه عما يفتقده جراء دخوله عالم كرة القدم، يقول  كافاني، إنه لم يعد حرا أبدا، فهو محصور بين الحافلات والطائرات    والملاعب، يشعر كأنه سجين ويتوق إلى الحرية التي عاشها في طفولته، ختم كافاني كلامه برسالة وجهها لمتابعيه مفادها أنه من يظن أن القيمة في كونك ناجحا أو لاعبا مشهورا أخبرْه أن النجاح هو أن تعيش حياتك بشكل جيد.

إذن ليس هناك برواز للنجاح أو كيس للسعادة يستحوذ عليه أحدهم وعلينا أن نكافح لنقتنصه، فالتاجر الذي يجمع المال الوفير ليلا نهارا، قد لا يجد وقتا ليقضيه مع صغاره الذين قد يغدقون عليه كأسا من الفرح لا يشتريه بأموال الدنيا،  وفي جيوبنا جميعا متسع من السعادات ولكن لأنه بين أيدينا وقريب من أعيننا كثيرا لا نستطيع رؤيته جيدا، بينما ننظر لحياة الآخرين من  زاوية سعادتهم وكأن الكمال خصص لهم  ونتوق لما في أيديهم متناسين ما يحفنا من نعم، ولله الحمد من قبل و من بعد.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق