العام

السفير أحمد الكثيري: العلاقات مع أوزبكستان مبنيّة على امتداد حضاري وثقة في التعامل

أكد سعادة السفير أحمد بن سعيد الكثيري، سفير السلطنة لدى أوزبكستان، على الرغبة القوية لدى البلدين في تطوير العلاقات المشتركة، مشيرا إلى أن استقبال جلالة السلطان المعظم لأول رئيس أوزبكي، الراحل إسلام كريموف, شكّل نقلة مهمة في مسيرة هذه العلاقات.

وقال سعادة السفير في حوار لمجلة التكوين أن هناك عوامل مهمة ترسخ الشراكات التجارية والاقتصادية المأمولة بين البلدين، لافتا إلى أهمية اوزبكستان وسعيها في استقطاب رؤوس الأموال للاستثمار المباشر في اقتصادها. هذه النقاط، ونقاط أخرى في الحوار التالي..

حاوره: محمد بن سيف الرحبي 

* تخطو العلاقات العُمانية الأوزبكية خطواتها الأولى .. كيف تنظرون إلى أفاق المستقبل لهذه العلاقات؟

اقيمت العلاقات الدبلوماسية بين السلطنة بجمهورية اوزبكستان منذ استقلال اوزبكستان عام 1992. ومنذ ذلك الحين استمر التواصل بين البلدين الصديقين على المستويين الثنائي والدولي. ويعتبر استقبال حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس المعظم – حفظه الله وأبقاه – للرئيس الاول لجمهورية اوزبكستان الرئيس الراحل اسلام كريموف – رحمه الله- عام 2009م نقلة مهمة في مسيرة العلاقات الثنائية حيث تم خلال الزيارة التوقيع على العديد من الاتفاقيات الثنائية بين البلدين شملت العديد من المجالات الدبلوماسية والاقتصادية والتجارية. ويعتبر قرار السلطنة افتتاح سفارة لها في جمهورية اوزبكستان في العام 2010م دليلا واضحا على رغبة السلطنة في تطوير علاقات الصداقة مع اوزبكستان. كما قامت جمهورية اوزبكستان كذلك بإفتتاح سفارتها في السلطنة في العام الماضي وهذا بدون شك دليل واضح على العلاقة المتطورة بإستمرار بين البلدين.

بصمات تاريخية

*  هل هناك إشارات تاريخية إلى إمتداد حضاري بين عُمان واوزبكستان؟

كما هو معلوم فإن السلطنة تفاعلت على مدى التاريخ مع الحضارات التي عاصرتها حيث لعب موقع السلطنة الجغرافي وثقافة اهلها دوراً جوهرياً في التواصل والتفاعل مع هذه الحضارات. وحضارة بلاد ما وراء النهر ليست استثناءً حيث توجد العديد من الدلائل التاريخية على التواصل بين عُمان وهذه الحضارة التي يشكل الاوزبيك والكازاخ والطاجيك الاغلبية العرقية فيها. ان طريق الحرير التجاري الذي استمر عبر التاريخ كجسر تواصل تجاري وثقافي بين الحضارة الصينة عبر حضارة اسيا الوسطى والشرق الاوسط وصولا الى اوروبا، كان له الدور الاساسي في التواصل بين الحضارات التي تمر عبرها. وكما هو معروف فإن لعُمان بصمة واضحة في التفاعلات الحضارية لهذه الجسر الحضاري عبر التاريخ سواء بسبب موقعها الجغرافي وموانئها المزدهرة عبر التاريخ او من خلال بعض البضائع التي كانت عمان تصدرها الى العالم سواء كانت سلع محلية مثل النحاس والبخور واللبان او مستوردة وتعيد تصديرها مثل الاحجار الكريمة والذهب والعاج وغيرها.

*  ماهو المتحقق حتى الآن على صعيد التعاون في المجال الإستثماري والعوائق والتحديات للوصول إلى المستوى المأمول وحجم الفرص أمام المستثمر العُماني في أوزبكستان؟

تسعى جمهورية اوزبكستان كسائر دول العالم الى استقطاب رؤس الاموال للاستثمار المباشر في إقتصادها وهي من اجل ذلك قامت خلال السنتين الماضيتين  بتطوير قوانينها التجارية والاستثمارية والاقتصادية والضريبية لتتواكب مع المعمول به في معظم دول العالم بهدف تشجيع الاستثمار الاجنبي. ويجب القول بان اوزبكستان نجحت بشكل لافت  منذ إدخال هذه التعديلات في استقطاب رؤوس الاموال وتعزيز ثقة المستثمرين في السوق الاوزبكية الناشئة. والسلطنة كانت من الدول التي سعت منذ البداية في دعم هذه المسيرة من خلال صندوق استثماري مشترك يعمل في السوق الاوزبكي وبنجاح كبير بل ان الجانب الاوزبكي ينظر اليه كنموذج للتعاون بين الدول ويستشهد به في الكثير من المنابر. وهذا الجهد المشترك مع الجانب الاوزبكي مستمر ويواكب التطور الحادث في جمهورية اوزبكستان.

هناك بعض التحديات الناتجة عن التاثيرات السلبية لدورة الركود الحالية لاقتصاد العالمي كذلك بعض التحديات اللوجوستية في المواصلات بين السوقين العماني والاوزبكي حيث انه كما تعلمون فإن اوزبكستان دولة حبيسة ومن أجل ذلك أسست السلطنة وكل من جمهورية اوزبكستان وجمهورية ايران الاسلامية وجمهورية تركمنستان محور الترانزيت المسمى محور عشق اباد لإزالة كافة العوائق امام بضائع الترانزيت من خلال هذا المحور الذي يعتبر ممر مهم لاوزبكستان للوصول للخليج عبر ايران. ونسعى ايضا الى تعريف المواطن في السلطنة على جمهورية اوزبكستان وفي هذا الصدد نشكر مجلتكم الغراء على اتاحة هذه الفرصة لتعريف قرائكم على علاقة السلطنة بجمهورية اوزبكستان الصديقة.

*  كيف تدعمون الإنفتاح الأوزبكي الحالي للإستفادة منه إقتصادياً وسياحياً؟

يعتبر السوق الاوزبكي من الاسواق الناشئة والواعدة حيث انه وكما تعلمون فإن اوزبكستان هي الدولة الاكثر كثافة من حيث عدد السكان في منطقة اسيا الوسطى حيث يفوق التعداد السكاني الـ 33 مليون نسمة وبالتالي فإن هذه الكثافة السكانية تمثل فرص مهمة للمستثمر الاجنبي، واذا اخذنا في الاعتبار الموقع المركزي لاوزبكستان في قلب اسيا الوسطى وتوفر الايدى العاملة بكافة انواعها ووجود شبكة مواصلات من طرق وسكك حديدية تربط منطقة اسيا الوسطى، فإن كل ذلك يؤهلها لتكون من الوجهات المهمة في خريطة الاستثمار الدولي. وبالتالي فإننا ننصح المستثمر العُماني الذي يبحث عن الفرصة المفيدة والامنة بزيارة اوزبكستان والاطلاع على الفرص المتاحة.

معهد البيروني

* نتحدث عن مساهمة السلطنة في معهد البيروني … كيف جاءت الفكرة وكيف يبدو المشروع اليوم؟

ثقافياً ، فان اوزبكستان تعتبر رافدا اساسيا من روافد الثقافة الانسانية حيث ساهمت الحضارات التي تعاقبت على اسيا اوسطى وتحديداً في اوزبكستان في تطوير العلم والمعرفة البشرية ونذكر هنا العديد من العلماء والفلاسفة مثل ابن سينا والخوارزمي وعلي شير النوائي وميرزا اوليج بيك وابو الريحان البيروني وايضاً الإمام البخاري والترمزي وغيرهم. وقد جاءت المكرمة السامية لدعم إعادة بناء المعهد الحكومي لجمع وترميم المخطوطات المسمى معهد ابو الريحان البيروني ايمانا من لدن مولانا حفظه الله بأهمية جمع وتوثيق والحفاظ على التراث الانساني وقد تم إفتتاح المركز في العام 2018م كشاهد على الاهتمام الكبير الذي توليه السلطنة للثقافة والتاريخ الانساني وكرمز ايضاً للعلاقة المتطورة التي تجمع السلطنة بجمهورية اوزبكستان.

الشعب الأوزبكي شعباً ذو خلفية ثقافية وحضارية عميقة، وبالتالي فليس من المستغرب أن يكون هذا الشعب من الشعوب الأكثر ثقافة وهو ايضاً شعب مضياف يميل إلى الهدوء والتروي رغم إنفتاحه وإهتمامه بالتعرف على الثقافات الآخرى، ونشعر من خلال تواصلنا مع المسؤولين بأن هناك الكثير من الود والثقة في التعامل وطموح مشترك للنهوض والوصول بهذه العلاقة إلى اعلى مستوى ممكن.

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق