الفني

التشكيلي سالم السلامي: نجحت في إبراز موهبتي الفنية بـ”الشغف”

حاوره: عبدالله بن خميس العبري

أكد الفنان التشكيلي سالم السلامي على أهمية الشغف في حياة كل مبدع، مشيرا إلى أن تطور مستواه الفني عائد إلى إيمانه بأن كل إنسان يجب أن تتملكه الرغبة والشغف في الموهبة أو العمل الذي يحبه، وأضاف: أنا على إستعداد تام بالتضحية بأمور كثيرة لأجد ضالتي في الرسم، فالبحث المستمر والرغبة الأكيدة في التجديد والإكتشاف والتعلم هو أبرز ما أوصلني للمستوى الذي أنا عليه اليوم ، وهناك ما هو قادم لتحقيقه فالفن بطبيعته لا يتوقف عند نقطة معينة.

وقال في حديث خاص لمجلة التكوين (سينشر الحوار موسعا في مجلة التكوين بنسختها الورقية لاحقا) أن بدايته مع الرسم بدأت منذ سن الخامسة، أي قبل الدخول إلى المدرسة، حينما كان يرسم بالفحم (الصخام) على قطع الكرتون المرمي، مشيرا إلى أنه “عصامي إلى حدٍ بعيد” ولا ينكر وجود ما أسماهم قدوات وأساتذة، مشيرا إلى دور الفنانة البريطانية جولي أسكيو ( الملقبة بـ ملكة الضوء)، يقول: هذه الفنانة وبكل صراحة كان لها دور كبير في دفعي للحراك التشكيلي، ففي سنة 2012م قامت بتنظيم مسابقة للرسم تختص بالحياة البرية في سلطنة عمان وبحمد الله حققت بها المركز الأول، فالفنانة جولي أشادت بلوحتي وبمجموعة من أعمالي ووجهت لي دعوة شخصية بعمل معرض بالمملكة المتحدة بإحدى المتاحف المعروفة هناك، فقبلت الدعوة فكانت هذه هي أحد أهم المحطات لي شخصياً لإنطلاقتي الحقيقية، لذا جولي هي من المعلمين بالنسبة لي، إضافة إلى ذلك فهناك العديد من الأساتذة الكبار الذي تربطني بهم صلة طيبة وأعتبرهم معلمين بالنسبة لي ابرزهم: أنور سونيا وإدريس الهوتي وسليم سخي والفنان الإماراتي عبدالقادر الريس . 

ويرى السلامي أن جميع أعماله قريبة إلى قلبه، يقول: شخصياً لا أُفاضل بين أعمالي فأعتبرها جميعها قريبة مني، لكن ربما أعمالي الوطنية قد تكون أكثر قرباً بإعتبارها تعبر عن الوطن والقائد، وتعبر عن مشاعر الشعب، فجميع أعمالي الوطنية تجد ترحيباً حاراً من قبل المجتمع وتلاقي كل الحب، لذا فهي لها مكانة في قلبي. 

سألته عن الدهشة في لوحاته، والمعاني التي تختزلها، فكان السؤال عن هذه الأفكار بما فيها من قيم فنية عالية، يقول الفنان سالم السلامي: دائماً عند جلوسي مع أصدقائي الفنانين نتحدث في مثل هذه النقاط، وهي أن ليس كل رسام بارع أو بمعنى أصح ليس بالضرورة أن يكون الرسام ذو أفكار فبعضهم وربما الكثير منهم يرسم ما يشاهد فهو بمثابة الناقل ونحن نطلق عليهم بالموثّقين، بينما أرى بأن الرسم تجسيد لفكرة يتم تطبيقها وإخراجها بطريقة مبتكرة خارجة عن المألوف، لذا هذا الأمر مترسخ في داخلي منذ زمن طويل، فسخرت كل إمكانياتي المعرفية والبصرية في إنتاج أعمال فنية ذات محتوى واضح وبصيغة مختلفة، فقد أرى الأشكال المختلفة من حولي لكنني أصيغها بطريقتي الخاصة وبألواني التي تستهويني حسب كل لوحة بناءً على الحالة التي أعيشها وقتها، الرسام يجب أن يكون مطلعاً وباحثاً عن التجديد، ولا أنسى بأن اللوحة قبل أن تخرج إلى الجمهور تكون قد كلفت الفنان العديد من الاسكتشات، لأن تأكيد الفكرة يأتي بعد محاولات كثيرة من الرسومات السريعة (الاسكتشات).

 

الأفضل والأجمل

سألته: هل تشعر بأنك رسمت عملك الأفضل والأجمل؟، يرفض السلامي السؤال، ويقول “طبعا لا”، يوضح: لو قلت نعم فيعني ذلك أنني قدمت كل ما لدي وعليَ أن أتوقف عن الرسم، بحمدلله رسمت العديد من الأعمال التي أفتخر بها، لكن بدون أدنى شك سأرسم لاحقاً ما هو أفضل وأقوى فالمنطق يقول أنه كلما تقدمنا كلما أعطينا أكثر فالعمر والمراحل المقبلة كفيلة بإكسابك الخبرة والمهارة الكبيرتين لتقديم الأفضل .

عن الألوان يتحدث الفنان سالم السلامي، يقول: من واقع تجاربي السابقة فالأمر لا يقف عند لون معين، فمثلاً من سنة 2012م وإلى 2015م تقريباً كنت ميالاً إلى اللون الأزرق والبنفسجي كثيراً وبعدها إتجهت للألوان الحارة كالأصفر والبرتقالي والأحمر ثم وجدت نفسي مع اللون الأخضر وهكذا، الألوان كلها جميلة، وجميعها تعبّر عن حالات معينة وبما يخدم كل عمل عن غيره، فهي وتيرة يسير عليها الفنان على مدى عمره الفني .

وبين الصورة 

يشير السلامي إلى رؤية العين للصورة، ونقلها عبر المخيلة لتكون لوحة، يتحدث عن ذلك بقوله: شخصياً أعتمد على تكوين المشهد بنفسي حتى لو تطلّب الأمر بإلتقاط المشهد المراد بواسط الكاميرا أو حتى الهاتف المحمول، فالفكرة أن أحتفظ بالمشهد فقط إضافة للصور التي يختزنها العقل، بعدها أقوم بصياغة المشهد بطريقتي الخاصة من خلال الحذف والإضافة للخروج بعمل فني متكامل، وأحببت أضيف بان المخيلة هي الإتيان بشيء غير مسبوق وغير موجود بالأحرى وقد أجد نفسي أحياناً في مثل هذا القالب، والنظر في بعض الأعمال السابقة وارد لكنه بطبيعة قليل جداً .

مستقبل التشكيل

وعن رؤيته لمستقبل الحركة التشكيلية داخل السلطنة يشير الفنان سالم السلامي إلى أنه والحمد لله هناك  الكثير من المؤسسات الحكومية والخاصة التي تعنى بالفن التشكيلي داخل السلطنة مما يضمن التنوَع وإيجاد البدائل في العرض والطرح، يقول: على سبيل المثال صالة ستال جالاري بمسقط تستقطب العديد من المواهب الشابة ويتم صقلهم وتهيأتهم بمختلف المدارس الفنية لرفد الحراك التشكيلي العماني وإيصاله عالمياً، كذلك مؤسسة فن صحار والتي يديرها مجموعة من الفنانين العمانيين الشباب لها الدور الكبير والملموس في تعزيز مكانة الحركة الفنية بالسلطنة من خلال إقامة مخيم النحاتين الدولي الذي بات اليوم يستقطب فنانين عالميين من مختلف دول العالم، الأهم من ذلك أن المؤسسات الفنية لم يقتصر وجودها في مسقط وحسب بل طالت مختلف المحافظات وهذا أمر هام في إحتواء الجميع دون إستثناء ، من ناحية أخرى دور الكليات والجامعات في تخريج الطلبة الأكاديميين الذي يعوّل عليهم الكثير في خدمة ودفع الحراك التشكيلي العماني، فالحمدلله الحركة التشكيلية في تقدم وتطور دائمين .

ويرى السلامي أن السلطنة قادرة على احتضان متاحف فنية عالمية، يشير إلى أن لدينا أعداد كبيرة من الفنانين، كما أن النتاجات الفنية قائمة ومستمرة، يقول: “ربما هي مسألة وقت لا أكثر، فالمشهد البصري أصبح تواقاً بأن يجد لنفسه بيئة شاملة تحتوية”.

سألته كيف نستطيع نشر ثقافة “الحركة التشكيلية” بشكل واسع لتصبح في كل بيت ومنطقة وولاية ومحافظة حالها كحال ثقافة “كرة القدم” التي تغلبت على قريناتها من الألعاب الرياضية الأخرى؟، فأجاب: أعتقد حال الفن التشكيلي مختلف تماماً عن الرياضة، كرة القدم أو غيرها، سأعطيك مثالا، إيطاليا هي أكثر دول العالم نهضةً للفن ومع ذلك لا يمكن مقارنة ذلك بشعبية كرة القدم لديهم، ببساطة.. مرتادو الفن قلة مقارنةً بمرتادي اللعبة الرياضية وهذا ما يميز الفن، فالفن لا يمكن لأي أحد أن يمارسه وحتى أن يتذوقه، لذلك من الصعوبة جداً من نشر الفن بشكل موسع في مجتمعنا فمسألة التقبل ستحتاج إلى وقت طويل جداً  نحن في سلطنة عمان ما يزال الفن فتياً رغم قوته، مع ذلك يبقى لكل فنان إضافة لمختلف المؤسسات دورهم الهام في نقل ثقافة الفن التشكيلي مجتمعياً .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق