مقالات

رسائل إلى صديقي السري

مروة يعقوب

 

(٣٥)
صديقي العزيز ..
أتعرف الشعور حين تقرأ محادثة لك مع غريب لا يعني لحياتك شيئـًا؟
هل جربت أن تعود للمحادثة ذاتها حين يصبح الغريب قريبا؟ صدقني لن يكون الشعور ذاته، سيدركك شعور الغربة في وقتٍ ما من زمن المحادثة تلك، مع أنها قديمة ومحتفظٌ بها كمحادثة مصورة -لتضمن أمرا ما- ؛ فأنت لا تثق بالغرباء تماما، إلا أنك ستعيش الربكة التي بقيت ٓ تكابر بسببها. سينتفض داخلك حنقا على أيام أدركتك بانتصارها عليك، فتقول في نفسك «فشلت، وقعتُ في الفخ، أشركت!» أو تقول «تبـًا!» ثم تصمت.
هذا ما يحدث مع الآخرين، وقد يحدث معي يوما ما.

الغرباء يا صديقي، يصبحون سيئات حين يستوطنون حياتك، لذلك -إن أصبحت ٓ بشرا مثلي- فلا تنسَ أن تُبقي العظمة للغرباء؛ لا شيء يحفظ كرامتك مثلما يفعلون، فهم أقل حماقة من أولئك الذين تحمل لهم أشياء في قلبك.

صديقي الذي لا أعرف..
سأُبقيك على معرفة بمستجدات حياتي، وإن كانت مختزلة.

صديقي العزيز ..
أنت الغريب القريب، لذلك لا تخَـف .. سنبقى أصدقاء.

نفسك

(٣٦)
المُذهل .. صديقي السري،
أرى كلانـا في أحسن حال.

صديقي العزيز ..
استكمالا لرسائلنا عن البشر، سأتفق معك على أن يأتيك هذا الموضوع في الرسائل التي تحمل الأعداد الفردية، وليس بالضرورة أن تكون متتالية.
اِسمح لي بتذكيرك بمقطع من رسالتنا السابقة:
أن تكون إنسانا يعني أن تكون أشياء كثيرة. لن أحصيـها لك حتى لا أحصرك بمعنى معين.

هناك قمامة تترك بشكل منظم ونظيف، ولا يتسبب لك الاقتراب منها بشيء، أو قد يُصاب قلبك ببعض التلوث (إن كنت مهووسا بالنظافة)، وأخرى ملقية بعشوائية، تلك لا ينبغي السير بجوارها حتى، لأن رائحتها ستبقى عالقة بك، فيعرف الناس أنك مررت بها. هذه القمامة لا يمكن أن تكون متروكة، الأرجح أنه تم تقاذفها حتى سقطت، تسقط بعشوائية أيضا، كما أنه لا يمكن إعادة تدويرها، ولا عجب بذلك.
أفترض أنك تفهم قصدي تماما هنا.

تذكير: اِبقى خيالا؛ لنبـق ٓ أصدقاء.
نفسك.

(٣٧)
صديقي العزيز..
كيف كلانا؟

كنت قد قررت أن أتوقف عن جلسات الاستماع هذه الفترة لكنني اضطررت إلى كسر القرار مرتين هذا الأسبوع. عموما لم تخلق القواعد إلا لتكسر، والقرارات لا تتخذ دائما دون التراجع عنها.

صديقي العزيز..
إن الإنسان حليف الإنسان، والاختلاف ائتلاف، والأقطاب المتشابهة لن تتجاذب قط.
هل يكتفي الإنسان بهكذا تحديد؟

صديقي الخاص جدا..
عليك أن تعرف أن عدم الاقتراب لا يعني -بالضرورة- انعدام الرغبة!
ولطالما قلت إن توقفنا عن انتظار الأشياء يجلبها إلينا. هل علينا إذن أن نشدد الرغبات بداخلنا ونوهم عقلنا بعدم الانتظار؟
ما أريدك أن تأخذه من هذه الرسالة هو أن الوهم حقيقة نتجاهل معرفتنا بـها، والشك هو الطريق.
فكر عميقا.
نفسك

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

إغلاق