مقالات

التقاضي عن بعد

ظافر بن عبدالله الحارثي

 

 

القضاء هو أحد سلطات الدولة الثلاثة والذي يتم بموجبه فصل النزاعات بين الأفراد وبعضهم البعض وبينهم وبين الدولة سواء أكانوا أشخاص طبيعيين أو اعتبارية، ومنظومة التقاضي ليست بمنأى عن طفرة التقدم التقني وحداثة التكنولوجيا، حيث أتى وقت مواكبتها لهذا التطور عن طريق تطوير نظم التقاضي لنسير قدما نحو منظومة قضائية إلكترونية تستكمل وجود الحكومة الإلكترونية وأهدافها.

إن وجود تحفظات على تطوير هذه المنظومة لما قد يعتريها من إخفاقات أمنية بالتحديد وثقة الأفراد بالنظام التقليدي باعتبار أننا تعودنا على ممارسته، والخوف من وجود عيوب أثناء التحديث يؤخر تواجدنا في مصاف الدول المتقدمة التي تهتم بالإنسان وتقوم على خدمته وهنا بالتحديد عن طريق سلامة التشريعات وسهولة الإجراءات لاسيما المتعلقة بالتقاضي، وعلاوة على ذلك إن العيوب التي قد يعتريها نظم التقاضي هي عيوب نستطيع أن نتفاداها متى ما وجدت تشريعات منظمة وأدوات وبرامج وشبكات قوية.

التقاضي عن بعد هي عملية إلكترونية تمكننا وتمكن المتقاضي على وجه الخصوص من رفع دعواه ومباشرتها ومتابعتها والترافع فيها عبر نظام إلكتروني محدد من قبل الدولة وتحت إشراف الجهات المختصة أمام كافة الجهات القضائية في السلطنة تهدف إلى تبسيط إجراءات التقاضي؛ وتقوم هذه العملية على احتياجات ضرورية بدءا من رسم الإطار القانوني التنظيمي لها إلى وجود أدوات وبرامج إلكترونية متمكنة حفاظًا على أمن النظام وجودته.

السلطنة بالفعل لها تحركات نحو تطوير منظومة التقاضي سواء من خلال تجربة الادعاء العام في السلطنة أو من خلال نصوص قانون تبسيط وتسهيل إجراءات التقاضي الصادر بالمرسوم رقم ٢٠٢٠/١٢٥ الذي بسط مسألة الإعلان وبعض الأمور الأخرى أو من خلال تحركات المجلس الأعلى للقضاء والمجلس الإداري نحو تفعيل دور التكنولوجيا وإدخالها ضمن إجراءاتها بصورة كبيرة، وما ذلك إلا ترجمة واضحة لتطبيق رؤية عُمان ٢٠٤٠ التي تؤهلنا للمستقبل في كافة المجالات.

إن بعض نماذج الأنظمة القضائية التي سبقتنا في التطور تعكس حجم الأثر الإيجابي وفاعلية الأداء، وإذ ما نظرنا لتجاربهم نستنتج سبب إلحاح المناداة والمطالبة بمواكبة أنظمتنا القضائية بمتطلبات العصر وطبيعته، وعلى الرغم من وجود جهود كبيرة تسعى لتحقيق ذلك إلا أن يبدوا أن هذا الوباء العالمي جائحة كورونا عافانا الله والجميع منه قد لعب دورا جوهريا وشكل ضغطًا ودافعًا ليس لنا فقط بل لمختلف الدول في مسألة تفعيل التقنية الحديثة، فرب ضارة نافعة لاسيما عندما نحول المحن لمنح.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق