مقالات

المسح الوطني الاستقصائي المَصلي لعدوى مرض فيروس كوفيد-19

في ظل الانتشار الواسع لجائحة مرض فيروس كورونا (كوفيد-19) التي خلفت تبعات صحية واجتماعية واقتصادية هائلة ألقت بظلالها على الأفراد والحكومات، أصبحت الحاجة ماسة لإيجاد وسائل للتصدي لهذه الجائحة للحد من الآثار الناجمة عنها، غير أن بناء استراتيجيات التصدي لابد لها أن تبنى على أسس عديده منها: الإلمام التام بالوضع الراهن لمدى انتشار المرض بين أفراد المجتمع.

ففي الآونة الأخيرة برز مفهوم المناعة المجتمعية للتعبير عن الحصانة الجماعية للسكان ضد المرض، والتي تعدعاملا فاعلا للحد من انتشار الفيروس. ويعتبر المسح الإستقصائي المصلي وسيلة لدراسة مناعة السكان ضد الفيروس، كما يعد واحدا من أهم  العناصر للتقييم والمراقبة الوبائية لانتشار المرض، حيث أوضحت بعض الدراسات أن مقاومة هذا المرض تحدد جزئيا من خلال درجة مناعة السكان.

بالنسبة للسلطنة وفي الوقت الذي مازال فيه تسجيل الحالات المؤكدة مخبريا مستمرا فقد بات من الضروري اجراء المسح الوطني للأجسام المضادة الذي سيساعد في تحديد مدى انتشار العدوى في المجتمع وسيسمح بإجراء استنتاجات حول مدى الإصابة، ومعدل الانتشار التراكمي في مختلف فئات المجتمع.

ويهدف هذا المسح الوطني في المقام الأول إلى قياس مدى انتشار عدوى مرض كوفيد-19 في المجتمع العماني كجزء من الاستراتيجية الوطنية للفترة القادمة من التصدي لجائحة كوفيد-19 ، كما سيتم استخدام نتائج المسح كمؤشر للوقت الذي يمكن فيه رفع القيود المفروضة على الحركة وإعادة فتح الخدمات المغلقة داخل البلاد.

من الأهداف الأخرى التي ستحققها هذه الدراسة، ما يلي:

*تقييم مدى انتشار عدوى كوفيد-19 حسب الفئات العمرية،  ورصد الحالات غير المشخصة مخبريا .

*تقدير مستوى العدوى على مستوى الولايات في السلطنة،  ونسبة العدوى بدون ظهور أعراض، والعدد التراكمي لحالات الإصابة بالعدوى.

*تقدير مدى تأثير مستوى المعيشة على مدى انتشار المرض في الولايات، وتقييم آثار الاغلاق على انتشار الوباء مقارنة بالمناطق غير المغلقة.

الجدير بالذكر أن هذه الدراسة المزمع البدء فيها بتاريخ 12 يوليو 2020  ستقام في جميع أنحاء السلطنة، وعلى مستوى الولايات بشكل مسح متسلسل مقطعي على أن يتم اختيار العينات من جميع سكان السلطنة من مختلف الأعمار بما في ذلك الوافدين. هذا وستكون آلية اختيار العينات بشكل عشوائي اعتمادا على البيانات المكانية للسكان المزودة من قبل المركز الوطني للاحصاء والبيانات، كما سيتم تجميع البيانات عن طريق برنامج ترصد بلس وتشمل البيانات الديموغرافية عن المشارك، وعينة دم لفحص الاجسام المضادة لمرض كوفيد-19، وتعبئة استبيان حول التاريخ المرضي والحالة الاجتماعية و الأعراض. وستقام الدراسة خلال أربع دورات، حيث ستستغرق كل دورة خمسة أيام، ويفصل بين كل دوره وأخرى أسبوعين وذلك على مدى عشرة أسابيع.

حيث أن نجاح مثل هذه الدراسة مرهونا بتظافر جهود جميع المعنيين بها أفرادا ومؤسسات، فإن التطلعات إلى نتائجها مأمولة في سبيل الوصول إلى الأهداف الرامية إليها، وذلك من خلال تفعيل المسؤولية الفردية والجماعية لتحقيق المقاصد تحت شعار معا لندحر الجائحة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق