العام

ذهب للفضاء سوفياتيًّا وعاد روسيًّا .. قصة يرويها طابع بريدي! 

كتب: خالد المعمري

باحث في التاريخ البريدي

ربما نقول عنها  قصة رجل سافر عبر الزمن  أو آخر رجل سوفيتي أو المسافر الذي ذهب للفضاء بجنسية سوفيتية ورجع بالجنسية الروسية، وهو صاحب أكبر رقم قياسي في المكوث في الفضاء.  كل هذة الألقاب  والأسماء أطلقت على صاحب  هذا الطابع وهو منهدس الطيران ورائد الفضاء سيرجي كريكاليف.

دعونا نتعرف على قصة الطابع الذي يحمل علمين ويتوسطهما رائد الفضاء الروسي أو السوفيتي الذي حمل جنسيتين. بتاريخ 18 مايو 1991م انطلق إلى المحطة الفضائية السوفيتية (مير) على متن الرحلة سويوز TM-12، من قاعدة بايكونور السوفياتية (هي مدينة في كازاخستان تدار من قبل روسيا حاليا، الاتحاد السوفيتي سابقا عند انطلاق الرحلة). وتقع القاعدة في مركز بايكونور الفضائي، وهو مركز فضائي دولي تشارك فيه كل من روسيا وأوكرانيا وكازاخستان، ويقع في وسط كازاخستان. وبطبيعة الحال ذهب إلى الفضاء كمواطن من الاتحاد السوفيتي.

انطلقت الرحلة إلى الفضاء، وكان مقررا  بقاءه في المحطة خمسة أشهر فقط، حسب الخطة المتفق عليها مسبقا. ولكن برنامج عودته إلى الأرض تغير نظرا للتغيرات السياسية التى حصلت في الاتحاد السوفيتي،  فبقي في الفضاء، وكان معه على نفس الرحلة رواد فضاء من النمسا واليابان، وأتموا برنامجهم العملي وعادوا إلى الأرض، إلا سريجي فقد تم تمديد بقاءه إلى أجل غير معلوم. وخلال هذه  الفترة حصلت تغيرات بالاتحاد السوفيتي. فبتاريخ 26 ديسمبر 1991 تفكك من اتحاد قوي إلى 16 دولة، وأصبح سيرجي غير قادر على الرجوع إلى الأرض لأن اقتصاد روسيا الجديدة انهار وأصبحت غير قادرة على تمويل الرحلات الفضائية، وبقي سيرجي معلقا في الفضاء لا يعرف إلى من ينتمى عند رجوعة إلى الأرض، ولا يعرف كيف سيرجع، نظرا لتفكك الاتحاد السوفيتي الذي ذهب إلى الفضاء حاملا اسمه.

تفكك الاتحاد السوفيتي وتخلى عنه، وبدأ ببيع مقاعده في الفضاء، فيما بقي سيرجي منسيا هناك، لا يعرف إلى أي وطن ينتمى ولا يعرف من سيتحمل نفقات إرجاعه إلى الأرض.

وفي شهر مارس  ١٩٩٢ تلقى سيرجي بعد 10 شهور من وجوده في الفضاء، خبراً بأن ألمانيا سترسل رائد فضاء آخر مكانه وستدفع 24 مليون دولار سيتمكن من خلالها سيرجي أن يعود أخيراً إلى الأرض.

وفي 25 مارس 1992، وبعد أكثر من 300 يوم في الفضاء، هبط سيرجي كريكاليف عائدا إلى الأرض بالكبسولة الفضائية “سويوز”، وكتب عليها “اتحاد الجمهوريات السوفيتية الاشتراكية”، فوجد عالماً آخر تماماً، غير الذي ودعه.. كل شيء تغير فيه إلى الأبد. هبط سيرجي كريكاليف، آخر مواطن سوفييتي على الإطلاق، بعد أن صعد إلى السماء سوفيتياً، وعاد.. روسيا.

من الطريف  في قصة سيرجي أن الجيش السوفيتي كان قد أصدر أمرا باعتقاله بعد أن تخلف عن الاستدعاء للالتحاق بقوات الاحتياط بالجيش أثناء رحلته قبل أن يدركوا  أنه في رحلة فضائية.

ويعتبر سيرجي آخر مواطن يحمل الجنسية السوفيتية ويصبح روسيا، كما حطم الرقم القياسي لبقاء إنسان في الفضاء الخارجي من خلال 6 رحلات فضائية تقدر بـ 803 أيام قضاها في الفضاء الخارجي. وأيضا حسب ما ورد عن الحسابات الفلكية  وسرعة الضوء يقال أنه سافر عبر الزمن وانتقل إلى المستقبل بمقدار ثانيه و50 جزء من الثانية وما زال يمارس عمله إلى الآن. وقد حصل على عدة جوائز وأهمها وسام بطل الاتحاد السوفيتي ووسام بطل الاتحاد الروسي، ويعتبر الوحيد الذي حصل على هذه الأوسمة.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق