الفني

«الطوق والأسورة» اشتبك مع الموروث ونال جائزة أفضل عرض في «المسرح العربي»

فيما أعلن أن دورته القادمة ال12 ستكون في عمّان، انتصر مهرجان المسرح العربي في دورته الحادية عشرة المنعقدة في القاهرة منتصف الشهر الماضي للموروث الشعبي بفوز العرض المصري «الطوق والأسورة» بجائزة الشيخ سلطان القاسمي لأفضل عرض مسرحي عربي لعام 2018، وتسلم الجائزة خلال الحفل الذي أقيم بدار الأوبرا فريق العمل بحضور وزيرة الثقافة المصرية الدكتورة الفنانة إيناس عبد الدايم، والأمين العام للهيئة العربية للمسرح الفنان إسماعيل عبدالله، ومئات المسرحيين العرب.

القاهرة: خاص التكوين

ووصفت لجنة التحكيم العرض الفائز بأنه «حقق اشتباكا مع الموروث الثقافي واستطاع أن يحقق انسجاما بين عناصر العرض المختلفة وفاعلية التلقي».
وفي كلمته أكد اسماعيل عبدالله على رعاية حاكم الشارقة للحدث المسرحي ومتابعته أولا بأول «بعين المحب وقلب المبدع الحالم» مضيفا «أوصيكم أن اقبضوا على جمرة الإبداع وابقوها متقدة من وقود أرواحكم لكي يكون فجرنا»، مشيرا إلى أن «الأسبوع الذي اصطخبت أيامه بالمسرح العربي» لم يكن «عادي الأيام، فكل يوم كان يحمل سنة من العمل والإعداد، قام به وأنجزه المبدعون العرب، فحولوا كل ما كان يعتبر حلما أو فكرة مجردة إلى حقيقة، وجعلته مصر ينبض بنبضها، ليسعى المسرح العربي في شرايين مطارحها ومسارحها سعي المحب ونبض الحب وليجمع المهرجان الشمل ويحمي الحلم الكبير».
وأشار إسماعيل عبدالله إلى «ثمانمائة مسرحي عربي من خارج مصر وداخلها من الفنانين عمروا خشبات مصر في سبع وعشرين مسرحية، وستون من الباحثين عمروا الندوات الفكرية والنقدية، ومئة وخمسون من الإعلاميين عمروا ثلاثين مؤتمرا صحفيا ونشروا مئات التقارير الإخبارية، وأصدروا ثمانية أعداد من مجلة المهرجان» مضيفا أن هناك العشرات الذين شاركوا في الحلقات التدريبية الدولية التي نظمت لفائدة طلبة مصر وشباب الوطن العربي.. وندوة محكمة وتكريم أحد عشر شابا فائزا في مسابقات التأليف والبحث العلمي التي تنظمها الهيئة.
واختتم الأمين العام للهيئة كلمته بنداء للمسرحيين، الاعتناء بأبي الفنون، وقال: «أن لا تكلوه للعتمة، لا تطفئوا أنواره هي شعلة المسرح فأوقدوها من زيت خيالكم وبصيرتكم ونبضكم، ولا تسدلوا ستاره، ولا تفتحوها إلا على الجمال والدهشة، هي خشبة المسرح فامنحوها القداسة التي تليق بها لتطهرنا وتسمو بنا، فليكن المسرح بكم نافذة لسلام العالم والروح، ادرأوا عنه الغث وزينوه بالحكمة، طهروه من أي ملمح للازدراء والكراهية، ارفعوا رايته خفاقة بالحق، المسرح صنو الأوابد والمعابد، وأهل المسرح سالكون في الطريق، يحترقون بالمعرفة وينبعثون مثل طائر الرعد من الرماد، هو المداد والقرطاس وشعرية الصور، هو الصوت البين والجسد البليغ والحركة التي لا لبس فيها، هو منصة تنفتح على الكون تأخذ منه وتهديه السواء».
ووفق بيان التحكيم الذي ألقاه رئيس اللجنة الجزائري عمر قطموش تنافست على جائزة أفضل عرض أربعة عروض هي الطوق والأسورة (مصر)، وذاكرة قصيرة (تونس)، والمجنون (الإمارات)، والرحمة (الكويت)، علما أن لجنة التحكيم ضمت في عضويتها الدكتور  عثمان البدوي (السودان) والدكتور جبّار خمّاط (العراق) والكاتب السعودي فهد ردة الحارثي واللبنانية الدكتورة عليّة الخالدي.
ورأت لجنة التحكيم في العروض الرئيسية الثمانية المتنافسة على جائزة أفضل عرض «محاولات إخراجية وسينوغرافية تندرج في مجموعة متشعبة من الاستعمالات والمحاولات الجمالية والثقافية «لكنها انتقدت بعض المعالجات التي عنيت بالهجنة والتهجين وجمع مصادر ثقافية وشكلية وإشكالية مختلفة تحت شعار «مسرح حداثي وما بعد الحداثة» ورأت أنها أدت إلى «ارتباك في بناء العرض» منوهة ببعض العروض التي نجحت في إدماج التكنولوجيا «طريقة تخدم تماسك العرض ومفاهيمه التصورية والدراماتورجية الفنيّة، فيما لم تصل بعض العروض للمبتغى من توظيف التكنولوجيا»، ورأت أن هناك عروضا استطاعت «بناء وحدة عضوية تتيح لها أن تكون طاقة جمالية جديدة ومتجددة على الخشبة يتأثر بها الجمهور ويتفاعل معها» كما حقق بعضها أيضا «تناغما بين عناصر العرض المختلفة من أداء وسينوغرافيا وخطة إخراجية تبحث في الأسئلة العميقة للفكر، بعيدا عن الاستعراض والتزيد.»
تقييم المنجز المسرحي
وعقدت إدارة المهرجان مؤتمرا صحفيا سبق حفل الختام للحديث عما تم إنجازه في الدورة الحالية، ورأى د. يوسف عيدابي مستشار الهيئة العربية للمسرح أن ما قدم في هذه الدورة من المهرجان العربي للمسرح جعله يفكر في ضرورة توثيق التجارب المسرحية في كل الأقطار العربية تباعا، لما بينها من همزة وصل تصلها ببعضها البعض، مشيرا إلى أن هناك وشائج عميقة ومؤكدة بين التجارب العربية المختلفة، مؤكدا أن المسرح في أكثر من بلد عربي كان له دوره المشهود في تحقيق الاستنارة ودعم الكفاح ضد المستعمر، آملا أن تشارك النقابات الفنية  بأدوار أكبر كمؤسسات مجتمع مدني في النهوض  بالمسرح في بلادها وأن تضع يدها في يد الهيئة العربية للمسرح، من أجل إقامة المزيد من التفاعل، مؤكدا أن الهيئة العربية للمسرح مؤسسة مدنية وإنها لا تستطيع أن تعمل وحدها مالم تجد دعما وتفاعلا من الجمعيات والنقابات المسرحية العربية.
وطالب عيدابي بتجاوز النقد التقليدي «من أجل تأسيس خطاب نقدي مسرحي جديد ومتجدد» حيث إن الكثير من العروض «تجاوز ما هو تقليدي وقدم مغامرات جمالية نختلف ونتفق حولها» منوها بأهمية «أن نقدم خطابنا النقدي الخاص بنا دون التقيد بركام الماضي»، مطالبا «لابد أن يذهب المسرح لكل الناس، لأنه كالأديان».
فيما أشاد غنام غنام مسؤول الإعلام بالهيئة العربية للمسرح، والكاتب والمخرج المسرحي،  بما أنجز إعلاميا طول أيام المهرجان، مشيرا إلى أن فعالياته تمت تغطيتها  من خلال  60 صحيفة وموقعا إلكترونيا، و 15قناة تليفزيونية، فضلا عن متابعة إخبارية  قدمها مئات الصحفيين.
مسابقة التأليف والبحث العلمي
وخلال حفل الافتتاح تم تكريم الفائزين بمسابقة التأليف المسرحي حيث جاء في مجال النص المسرحي الموجّه للكبار نص «طسم وجديس» للكاتب أيمن هشام محمد حسن «مصر»، وفاز ثانيا نص «كفن البروكار» للجزائري محمد الأمين بن ربيع، بينما حصل على المركز الثالث نص «المشهد الأخير في وداع السيدة» للسعودي إبراهيم الحارثي، أما جوائز النص المسرحي الموجّه للأطفال فقد حصل نص «قمقم مارد الكتب» على المركز الأول للجزائري يوسف بعلوج، وجاء ثانيا نص «إبر ليست للتطريز» للمغربي هشام ديوان، وفي المركز الثالث مكرر كل من نص «مدينة النانو» للجزائرية كبزة مباركي، والمصري محمد كسبر .
كما كرم المهرجان الفائزين في مسابقة البحث العلمي، حيث فاز بالمركز الأول البحث المعنون «في الحاجة إلى مجاوزة الاحتفالية لإنتاج معارف جديدة مسرح وإبداعية متجددة للباحث المغربي علي علاوى، وحل ثانيا «المسرح العربي من سؤال الكينونة إلى ما بعد التراث» دراسة في الأنساق الثقافية للباحث السوداني محمود حسن محمد، وجاء ثالثا «جمالية الهجنة فى الممارسة المسرحية المغربية من تأكيد الخصوصية إلى استيعاب النماذج الكونية» للباحثة المغربية فاطمة أكنفر، مناصفة مع «تجليات أسطورة عشتار فى الخطاب المسرحي النسوي .. مسرحية أسرار عشتار لحياة الرايس نموذجا» للباحثة المصرية مروة وهدان».
وكان مهرجان المسرح العربي كرم خلال حفل الافتتاح خمسة وعشرين فنانًا وكاتبًا وناقدًا من رموز المسرح المصري وهم: أشرف عبد الغفور، آمال بكير، جلال الشرقاوي، رشوان توفيق، سميحة أيوب، سمير أحمد، سمير العصفوري، سميرة عبد العزيز، سمير غانم، سناء شافع، سهير المرشدي، عبد الرحمن أبو زهرة، عزت العلايلي، فهمي الخولي، كمال عيد، لينين الرملي، محمود الحديني، محمود ياسين، نبيل الحلفاوي، نبيل منيب، نجاة علي، نعيمة عجمي، هدى وصفي، يسري الجندي، يحيى الفخراني.
11 إصدارا
وأصدرت الهيئة 11 إصدارا ضمن مشروعها لنشر مجموعة من الكتب في دورات مهرجان المسرح العربي، حيث تختار موضوعات هذه الإصدارات متناغمة ومنسجمة مع المحاور التي تدور حولها فعاليات المهرجانات، وهو ما  ميز إصدارات هذه الدورة أيضا ، حيث جاءت جميعها، حول المسرح المصري، فرقه، وشخصياته وتراثه، وتاريخه، فجاءت الإصدارات دارسة ومؤرخة للمسرح المصري في مائة عام، وقد خصصت  هذه الدورة  لتغطية نصف قرن ، فيما ستخصص الدورة القادمة لتغطية النصف الآخر.
وفي مؤتمر صحفي تحدث المؤلفون عن إصداراتهم، وقد أشار د. عمرو دواره مؤلف كتاب «كرم مطاوع رجل المهام الصعبة» إلى أنه عمل مساعدا  لكرم مطاوع في عدد من العروض على مرحلتين، الأمر الذي أتاح له الاقتراب منه ومعرفة الكثير من مزاياه، مؤكدا أن مطاوع لم يكن يجيد تقديم الفرجة فحسب إنما كان مفكرا مسرحيا كبيرا.
و ضرب دواره مثلا بعرض «الفرافير» الذي أثار الخلاف بينه وبينه مؤلف النص يوسف إدريس، مؤكدا أن مطاوع من أوائل المخرجين الذين اعتبروا المخرج هو صاحب نص العرض،  ولهم أن يضيفوا ويحذفوا فيه بما يخدم رؤيتهم الإخراجية.
أما د. مصطفى سليم فأشار إلى أن كتابه «الدلالات الدرامية للنظم الطقسية في الدراما التجريبية» أنه قام برصد الطقوس في الوطن العربي وتصنيفها، كما بحث في كيفية تعامل النصوص المصرية مع هذه الطقوس،  وأشار سليم إلى وجود عدد من التقسيمات التي صنف على اساسها الطقوس منها الطقوس الدينية مثل المشهد الحسيني، والتعازي الشيعية، وهي ما عالجها في نصي الشرقاوي «الحسين شهيدا وثائرا» وطقوس الزار والذكر وعبدة الشيطان مشيرا إلى معالجات نصوص محمد الفيل وعادل العليمي لطقس الزار، وتعامل السيد محمد على مع طقس المولوية، ومعالجة د. أحمد سخسوخ لطقوس عبدة الشيطان، أما التصنيف الثاني للطقوس وفق الدراسة فهو كما أشار سليم الطقوس الاجتماعية كطقوس العرس والميلاد والموت ، فضلا عن طقوس الموالد وأعياد الحصاد ووفاء النيل.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق