مقالات

بك الزمن أو بدونك يمضي

منى المعولي

توقف عن ضبط منبه حياتك على ظروف البشر، لاتعط أكثر مما تستطيع، ثم تصرخ أنك كائن مخذول، لم يوهمك السراب بأنه ماء بل عقلك هو الذي فعل، توقف عن القفز داخل بطون الكتب وتنصيب نفسك بطلا عن كل جرح، توقف عن التفتيش عن نص يكتبك، عن أغنية تعذبك، عن شوارع مررت بها وانت واهم وعدت إليها تتهم الإسفلت بالخداع..

ألم أقل لك: لا تقع في فخ الانبهار الأول؟
ألم أنهك عن تتبع مزاجات الدهشة الأولى؟
ألم تعصف بك السنون الغابرات من قبل؟

فكيف تصرخ أنه الوجع الأكبر؟

سنكون اكثر اطمئنانا لو اتبعنا طرق السلامة والحماية من الانهيار

فماذا لو أردفت وزارة الصحة مع تطعيمات الأعوام الأولى حقنة مضادة للصدمات؟

تتهيأ أجسادنا للأوجاع القادمة بمضاعفات أقل أو تكتسب مناعة أبدية..

مناعة تجعلنا ندرك أن كل مشاريع علاقات البشر لها صلاحيات انتهاء، وكلما تقادم زمنها المفترض تغيرت نكهتها ولم تعد ملامح اللذة فيها كما كانت في التاريخ الأول..

مناعة تجعلنا في حالة جاهزية تامة نرى فيها:
أن كل تلويحة هي إشارة وداع..
وان كل حقيبة هي مخطط سفر..
وكل تلميحة إنذار..
وشعور في داخلك يجعلك تتنبأ أنك ستكون الطرف السيء في كل ما حدث وأنك المسؤول مسبقا عن ما ستؤول إليه مشاعرك…

****

كان سيكون جيدا لو كل منا قدم إلى العالم مغلغا بقراطيس تساعد على الحماية من الكدمات، ويحمل بين ذراعيه جهازاً يتحكم بيومياته بيده ويضغط زر العودة عند أي احباط ويعيد التاريخ قبل المواقف الموجعة ويشذب صورة حياته ويعيد التعديل ويتجاوز اللقطات المفجعة، كم جميل أن ندرك أننا أسباب تعاستنا حين نعطي بدون اتزان فلا مكان في الحياة للقلوب الضعيفة الواهنة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق