العام

 قراءة في المرسوم السلطاني رقم (46/2020) بشأن الانضمام إلى العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ) 1 ـ 2)

 

                        محمد عبده الزغير

                               خبير شؤون الطفولة بوزارة التنمية الاجتماعية

  أصدر جلالة السلطان هيثم بن طارق في 7 أبريل 2020 م، مرسوما سلطانيا رقم (2020/46) بالموافقة على انضمام سلطنة عمان إلى العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، و قضت مواده الثلاث بالتالي:

المادة الأولى: الموافقة على انضمام سلطنة عمان إلى العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفقًا للصيغة المرفقة مع مراعاة التحفظ على أحكام البندين أ و د من الفقرة 1 من المادة 8 من العهد المشار إليه المتعلقين بحق تكوين النقابات وحق الإضراب وذلك بالنسبة إلى الموظفين في الوحدات الحكومية.

المادة الثانية: على جهات الاختصاص إيداع وثيقة الانضمام إلى العهد المشار إليه وفقًا لأحكامه مع مراعاة التحفظ المشار إليه.

المادة الثالثة: ينشر هذا المرسوم في الجريدة الرسمية ويعمل به من تاريخ صدوره.

 ونظراً لأهمية هذا العهد، وبالتالي الانضمام اليه، باعتباره أحد الوثائق الأساسية للشِرعة الدولية لحقوق الإنسان، ولانتمائه للجيل الثاني من حقوق الإنسان المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ولتبيان ماهية المرسوم وأهميته بالنسبة إلى المعاهدات والاتفاقيات الدولية لحماية حقوق الإنسان. تجدر الإشارة بداية إلى التعريف بآليات الأمم المتحدة لحماية حقوق الإنسان. ومن ثم الاستعراض الموجز للعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وقراءة موقف سلطنة عمان من العهد بالمقارنة مع الدول العربية التي صادقت أو انضمت اليه، بهدف التعرف على التوافقات والاختلافات في رؤية الدول العربية لهذه الوثيقة الدولية.

  • آليات الأمم المتحدة لحماية حقوق الإنسان

منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، حدث تقدم ملحوظ نحو تبني والانضمام إلى الاتفاقيات والمعاهدات الخاصة بحقوق الإنسان الدولية منها والإقليمية، بالإضافة إلى إنشاء آليات التنفيذ، ورسوخ ثقافة مشروعية واحترام حقوق الانسان في أرجاء العالم كافة(1).

ويعتبر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 10 ديسمبر 1948، نقطة تحول في تاريخ الإنسانية، لكونه صادر عن المجموعة الدولية، كإعلان موحد للحقوق والحريات الأساسية للإنسان غير القابلة للتصرف ويعبر عن اتفاق الدول على مُثل مشتركة تسعى جميع الشعوب لإدراكها وتحقيقها.

 فقد تأسس الإعلان على مبدأ، أن احترام حقوق الإنسان يمثل أحسن ضمان للسلام والديمقراطية وكان منطلق كونية هذه الحقوق مجسدا حاجة الإنسانية جمعاء للإقرار بحقوق الإنسان في مفهومها الشامل لحقوق الذات البشرية وحقوق العائلة والحقوق المالية أي كافة الحقوق الضرورية لتأمين الكرامة الإنسانية وضمان حماية الفرد في علاقاته بالدولة وبقية أفراد المجتمع. وبذلك أصبح الإعلان إطارا حقوقيا مثاليا وجب تحقيقه ويقتضي تحمس كل أفراد وهيئات المجتمع لضمان إنفاذ الحقوق المعلنة به بصورة متدرجة سواء بتدابير ذات الصبغة الدولية أو ذات الصبغة الوطنية. وحضي الإعلان بقيمة تاريخية وسياسية في حين لم تكن له صبغة إلزامية إلا أنه لم ينشئ التزامات على كاهل الدول ويبقى أثره باعتباره من الوثائق الدولية ذات الصبغة الأدبية.

 وبعد اعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في عـام ١٩٤٨، بدأت مباشرة النقاشات بشأن وضع اتفاق أو عهد واحد يضم جميع حقوق الإنسان. بيـد أن الجمعيـة العامة للأمم المتحدة، بعد نقاش طويل، طلبت إلى لجنة حقوق الإنسان إعداد عهدين منفصلين، وحددت أن الصكين ينبغي أن يتضمنا أكبر عدد ممكن من الأحكام المتماثلة من أجل “التأكيد على وحدة الهدف المنشود”. وفي خاتمة المطاف، اعتمدت الجمعيـة العامـة العهدين الدوليين الخاصين بالحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ويُشار إلى هذين العهدين، ومعهما الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، بالشِرعة الدولية لحقوق الإنسان(2).

 وجاء العهدان الدوليان الخاصان بالحقوق المدنية والسياسية وبالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في عام 1966م، ليلزما الدول بضمان وكفالة حقوق الإنسان في المجالات المختلفة، وهما عهدان توأمان ملزمان، من أهم المواثيق الدولية التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن حقوق الانسان في 16 ديسمبر 1966م . ودخلا حيز التطبيق في عام 1976م(3).

 وتعتمد الأمم المتحدة على آليتين لحماية حقوق الإنسان، الأولى “تعاهدية” ويقصد بها اللجان التي تعهد لها   المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي تعتمدها الأمم المتحدة بمراقبة تنفيذ الدول، لالتزامها بموجب التصديق على الاتفاقية الدولية التي صادقت أو انضمت إليها. ويعد العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، واحد من أهم المعاهدات والاتفاقيات التعاهدية الخاصة بحماية حقوق الانسان.

والثانية “غير تعاهدية” تعتمد على الآليات الدولية المنبثقة من ميثاق الأمم المتحدة مرجعا أساسيا ومهما لحماية حقوق الإنسان، لأنها تستند الى قواعد قانونية تعد مصدرا من مصادر القانون الدولي لحقوق الإنسان. وتتمثل في دور المقررين الخاصين والخبراء المكلفين بحماية وتعزيز حقوق الإنسان، كالمقرر الخاص المعني بمسألة الاتجار بالأطفال واستغلالهم في البغاء والمواد الإباحية، والمقرر الخاص بمسألة التعذيب.. وغيرها من المقررين او ممثلين الأمين العام أو الخبراء لمتابعة مجموعة من الحقوق والموضوعات ذات الصلة بحقوق الإنسان.

 وتجدر الإشارة الى أنه وفقا لمقترح رجل القانون التشيكي كاريل فاساك، تم تقسيم حقوق الانسان الى ثلاثة أجيال، وذلك في المعهد الدولي لحقوق الانسان بمدينة ستراسبورغ الفرنسية، حيث ركز الجيل الأول من حقوق الإنسان على الحقوق المدنية والسياسية واستوعبت تلك الحقوق المواد من 3 الى 21 في الإعلان العالمي لحقوق الانسان، وركز الجيل الثاني على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية واشتملت تلك الحقوق المواد من 22 الى 27 في الإعلان العالمي لحقوق الانسان. وجاء الجيل الثالث من الحقوق ليشمل الحق في التنمية والحق في بيئة صحية وفي الموارد الطبيعية، وفي الاتصال وحقوق التواصل، وفي الاستدامة والانصاف بين الأجيال، وحق تقرير المصير(4).

  •  العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية CAT 

Convention against Torture and Other Cruel, Inhuman or Degrading Treatment or Punishment   

 ارتباطاً بما سبق الإشارة إليه، يعد العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، واللجنة المعنية بمتابعته، واحد من الآليات التعاهدية. أي المعاهدات والاتفاقيات التسع الأساسية لحماية حقوق الإنسان، وهي:

الاتفاقية

تاريخ الاعتماد

تاريخ الدخول حيز التنفيذ

آلية المتابعة

اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري

21 / 12/ 1965

4 / 1 / 1969

لجنة القضاء على التمييز العنصري

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

16/ 12 / 1966

23 / 3 / 1976

اللجنة المعنية بحقوق الانسان

العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية

16/ 12 / 1966

13 / 1 / 1976

اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية

اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة

18 / 12/ 1979

3 / 9 / 1981

لجنة القضاء على التمييز ضد المرأة

اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة او العقوبة القاسية او اللا انسانية او المهينة

10 / 12/ 1984

3 / 9 / 1987

لجنة مناهضة التعذيب(5)

اتفاقية حقوق الطفل

20 / 11/ 1989

2 / 9 / 1990

لجنة حقوق الطفل

الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وافراد اسرهم

18 / 12/ 1990

1 / 7 / 2003

لجنة حماية حقوق جميع العمال المهاجرين وافراد اسرهم

الاتفاقية الدولية لحماية جميع الاشخاص من الاختفاء القسري

20/ 12 / 2006

24/ 12/ 2010

اللجنة المعنية بحالات الاختفاء القسري

اتفاقية حقوق الاشخاص ذوي الاعاقة

13 / 12 / 2006

30 / 3 / 2007

اللجنة المعنية بحقوق الاشخاص ذوي الاعاقة

المصدر: موقع مكتب المفوض السامي – حقوق الانسان في الأمم المتحدة،

 https://www.ohchr.org/AR/HRBodies/Pages/HumanRightsBodies.aspx

وبمراجعة موقف السلطنة من الاتفاقيات الدولية أعلاه، نجد ان السلطنة، بعد صدور المراسيم الثلاثة الأخيرة في 7 ابريل 2020م، تكون قد صادقت أو انضمت الى سبعة من الاتفاقيات أعلاه وبروتوكولين اختياريين ملحقين باتفاقية حقوق الطفل، والجدول التالي يبين الاتفاقيات والبروتوكولات الأساسية التي صادقت عليها، أو انضمت إليها السلطنة:

الاتفاقية

المصادقة او الانضمام

المراسيم السلطانية

الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، 1965م

انضمت في 2 يناير 2003م

المرسوم السلطاني رقم (87/2002)

اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، 1979م

انضمت في 7 فبراير 2006م

المرسوم السلطاني رقم (42/2005) 

اتفاقية حقوق الطفل، 1989م

انضمت في 9ديسمبر 1996م

المرسومان السلطانيان رقم (54/96) و (99/96) 

اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، 2006م

وقعت في 17 مارس 2008م ، وصادقت في 6 يناير 2009م

المرسوم السلطاني رقم (121/2008)

البروتوكولان الاختياريان الملحقين باتفاقية حقوق الطفل الاول بشأن إشراك الأطفال في النزاعات المسلحة، والثاني بشأن بيع الأطفال واستغلال الأطفال في البغاء، وفي المواد الإباحية.

انضمت في 17 سبتمبر 2004م

المرسوم السلطاني رقم (41/2004)

العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية

جاري إجراء الانضمام الى الاتفاقية بحسب آلية الأمم المتحدة

المرسوم السلطاني رقم (46/ 2020)

اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة او العقوبة القاسية او اللا انسانية او المهينة

جاري إجراء الانضمام الى الاتفاقية بحسب آلية الأمم المتحدة

المرسوم السلطاني رقم (45/2020)

الاتفاقية الدولية لحماية جميع الاشخاص من الاختفاء القسري

جاري إجراء الانضمام الى الاتفاقية بحسب آلية الأمم المتحدة

المرسوم السلطاني رقم (44/2020)

المصدر: (بتصرف) موقع مكتب المفوض السامي لحقوق الانسان في الأمم المتحدة، قاعدة بيانات الأمم المتحدة الخاصة بالهيئات المنشأة بموجب معاهدات حقوق الانسان، 

وبقراءة مضمون العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية(6) ، نجد انه يحتوي على الديباجة و (5) أجزاء و (31) مادة. وذلك على النحو التالي:

الجزء

المادة او المواد

المحتوى

الديباجة

على الفرد، الذي تترتب عليه واجبات إزاء الأفراد الآخرين وإزاء الجماعة التي ينتمي إليها، مسؤولية السعي إلى تعزيز ومراعاة الحقوق المعترف بها في هذا العهد،

الجزء الاول

المادة 1

تتضمن حق الشعوب في تقرير مصيرها والتصرف الحر بثرواتها ومواردها الطبيعية، وحرية الشعوب في السعي لتحقيق نمائها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي.

الجزء الثاني

المواد من 2-5

وتتناول في هذا المواد مدى التزام الدول بأحكام العهد وتتعلق ايضاً بالمساعدة والتعاون الدولي والتعهد بضمان ممارسة الحقوق وضمان عدم التمييز والمساواة بين الذكور والاناث، وبعدم اهدار الحقوق والحريات.

الجزء الثالث

المواد من 6 الى 15

وتتضمن:

1. الحق في العمل والتدابير التي تتخذها الدول الاعضاء لتأمين ممارسة هذا الحق من التدريب والتوجيه.

2. الحق بالتمتع بشروط عمل عادلة ومرضية، والحق في تشكيل النقابات والانضمام اليها والحق في الإضراب.

3.  الحق بالضمان الاجتماعي والأمن الغذائي والصحي.

4. حق الاسرة والامهات والأطفال والمراهقين في أكبر قدر ممكن من الحماية والمساعدة والحق في مستوى معيش كاف، والحق في الصحة الجسمية والعقلية.

5. حق كل فرد في الثقافة والحياة الثقافية، وحق التعليم الابتدائي إلزاميا ومتاحاً للجميع بالمجان، وتيسير التعليم الثانوي والمهني والفني والتعليم العالي.

الجزء الرابع

المواد من 16الى 25

وتتضمن تنظيم الإشراف الدولي وتقديم المساعدة التقنية من قبل الوكالات المتخصصة لضمان تطبيق هذا العهد.

الجزء الخامس

المواد من 26الى 31

وتتضمن إجراءات التصديق على العهد والتنفيذ وحقوق الأطراف بطلب تعديله.


 (1) محمود شريف بسيوني، الوثائق الدولية المعنية بحقوق الانسان، المجلد الأول، دار الشروق، ط 1، 2003، ص 12.

(2) للمزيد من التفصيل، أنظر: الأمم المتحدة، حقوق الانسان، مكتب المفوض السامي، الأمم المتحدة… نظام معاهدات حقوق الإنسان، صحيفة وقائع رقم 30، نيويورك وجنيف، 2012، ص 8.

(3) انظر: مرصد الاعلام والتكوين والتوثيق والدراسات حول حماية حقوق الطفل، واليونيسف، ترجمة حقوق الطفل إلى واقع ملموس ودليل تدريب المكونين في مجال نشر ثقافة حقوق الطفل وآليات التواصل الفعال، تونس، 2014، ص 35 – 37.

(4) إبراهيم ناصر المليفي، حقوق الإنسان … الجيل الرابع، مجلة العربي – المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، العدد (733)، ديسمبر 2019، ص ص 10 – 12.

(5) توجد اللجنة الفرعية المعنية بمنع التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، المنشأة عملاً بالبروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب (2002)، وهي معنية بزيارة أماكن الاحتجاز بغية منع التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.

(6) اعتمد العهد وعرض للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2200 ألف (د-21) المؤرخ في 16 كانون الأول/ديسمبر 1966، وبدء تاريخ النفاذ: 3 كانون الثاني/يناير 1976، وفقا للمادة 27، أي بعد ثلاثة أشهر من تاريخ إيداع صك الانضمام أو التصديق الخامس والثلاثين لدى الأمين العام للأمم المتحدة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق