مقالات

رسائل إلى صديقي السري

مروة يعقوب

 

(41)

صديقي العزيز..
كثافة الرسائل في الفترة السابقة تعطيك إشارة قاطعة حول وضعي.
وليس بالضرورة أن ما أعتبره عذرا قاطعا يكون بالنسبة لك كذلك.
سبق وأخبرتك قبلا: أن تكون إنسانا يعني أن تكون أشياء كثيرة.
الألم هو حديثنا في هذه الرسالة، لندرك فضله بداخلنا.

صديقي العزيز..
أن تكون إنسانا يعني أن تمر بظروف تجعلك حزينا أو حتى مقهورا، فيأتي الناس لمواساتك قائلين «لا تحزن»، والأصح أن يُقال للحزين اِحزن حتى ينتهي قلبك من الحزن، ابكِ حتى ينتهي البكاء، انعزل حتى يخلُ عقلك من الأفكار الطاعنة التي تجعل مجالسة الناس تسحق الحياة بقلبك أكثر.

الألم -يا صديقي- لابد وأن يعاش بمهارة، أو بذكاء. عليك أن تكون عند توقعاته، كالعدو تماما، تعطيه نفسك مرات ومرات، تكون عند ظنه تماما، حتى يأمنك، ويظن أنه سيطر عليك، ويظن بأنه يفهمك، وقادر عليك، ويستطيع توقع ردود أفعالك، باختلاف درجاتها. بينما تكون أنت من فهمته، وعرفت طريق النفاذ منه. داهم أمنه، اجعل المفاجأة بعد السقوط بين يديه مرات متتالية، ثم قم، قل له ها أنا، لم أعد أشعر بك، أحرقتني وأنت بداخلي فأحرقت نفسك معي، وأتلفت خيوطك التي كبلتني بها، تلاشت السوداوية، أنا الآن خالٍ منك، ومستعد للحياة مجددا.

صديقي السري والخاص جدا..
هناك أشياء لا يمكنك تجاهلها إن كنت ترغب بتخطيها، الخلاص منها في الصراع معها.
عليك أن تمر بها، وأن تمر بك، ليصل كلاكما إلى حيث لا يكون الآخر كائنا.
ستصل أنت إلى النضج، وستنتهي هي إلى النسيان.

كن بخير
نفسك

(٤٢)

صديقي العزيز..

الفرص لا تملك قاعدة موحدة في التعامل معها، ولا خصائص تدلنا على جدواها أو عدمها!
هي خيارات، والخيارات لا تكون بالضرورة فرصا، إلا إن كنا نُعِد التعلم من الأخطاء فرصة لكسب خبرة أو لإضافة كلمة إلى قائمة المخاطر المحتملة!
فالفرصة تعطينا مساحة لاختيار أخذها أو تركها، ولكن الخيارات حين نأخذها قد لا تنقلنا لهدفنا الأساسي. ويعيدنا الأمر إلى قدرتنا على تحديد الهدف الدقيق لأخذ الفرصة وجعلها خيارا نبذل له بعض عمرنا إن لم يكن بأكلمه!

وهنا..
لا أدعوك إلى المبالغة في تنظيم خياراتك والتدقيق في خصائص كل فرصة، لكنني أجد بعضا من العشوائية حل للخطوط العريضة التي يصنعها نظام ما، مُبالغ به، والذي قد يؤخرك!

صديقي السري..
ميل أحدنا لصناعة المشكلات لا يعني بالضرورة رغبته في حلها، وإنما هي الحاجة للمشكلة، حاجتنا لقوتها بكل تأثيراتها. هناك أهداف غير مباشرة، أو لا يدركها من اعتاد على تجاهل الاحتمالات، والغرق في الشكوك.. الشكوك التي قد تنقذ صاحبها من مأزق السذاجة!

تذكر.. إن كان لابد من القلق، فيجب أن يكون من الشعور غير المنقطع بالأمان!

نفسك

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق