الفني

يوسف البلوشي: أعيش الآن مرحلة الاحتراف ومدين لدعاء والدتي في كل نجاح

يوسف البلوشي، مخرج يقدم نفسه كفنان طموح يمتلك قدرات فنية متعددة في المسرح، والسينما، والدراما، يحاول جاهدا توظيف هذه القدرات في خدمة الفن العماني وتطويره والسير به على خطوات ثابتة، حاصل على دبلوم معلمين من من كلية المعلمين في مسقط، وحاصل على بكالوريوس إعلام من جامعة القاهرة، أحلامه وطموحاته يسطرها في لقائه مع التكوين.

حوار: شيخة الشحية

أسست فرقة مسرحية، كيف تقيم منجزكم المسرحي حتى اليوم؟
البدايات كانت في العام 1991 وكان الاسم الأول للفرقة «فرقة المسرح» بنادي بركاء وكانت البداية مشاركات واسكتشات بسيطة، وبعد سنوات من الإنجازات على مستوى النادي جاءت فكرة تحويل الفرقة من كونها فرقة تابعة للنادي إلى فرقة أهلية وفي يوم 24/11/1999 أشهرت الفرقة من قبل وزارة التراث والثقافة وتغيّر الاسم إلى «فرقة مزون المسرحية»، واليوم أستطيع وبعد هذه السنوات أن أقول إن الفرقة من أكثر الفرق المسرحية العمانية إنجازا محليا، وعربيا، ودوليا وقد قدمت المسرح العماني بشكل كبير وبصورة مشرفة من خلال المشاركات في الأردن، والبحرين، والعراق، والإمارات، والمغرب، والجزائر، وتونس وكان من المفترض أن تكون هناك مشاركات في أسبانيا وفرنسا لولا أن حالت الإمكانيات المادية عائقا أمامنا.
هذه الإنجازات تحققت بفعل التعاون والتضحيات الكبيرة التي قدمها كل المسرحيين العمانيين وأعضاء فرقة مزون خاصة رغم وجود العراقيل والصعوبات التي تقف في طريقنا، ولكني أقولها وبكل أسف أن هذه الفرقة لم يقدر مجهودها، ولم يفتح لها المجال بشكل واسع بالرغم من الجهود التي تبذلها وزارة التراث والثقافة لخدمة ودعم المسرح ولكننا بحاجة إلى آفاق جديدة شاملة لتقديم المسرح العماني بصورة أفضل.
هناك اتهام بالمشاركة في مهرجانات ضعيفة أو صغيرة، كيف ترد؟
هذا غير صحيح، كل مهرجان له إدارته وإمكانياته ونتفق في أن بعض المهرجانات لا تمتلك إمكانيات مادية ضخمة وقد تكون أقل مستوى عن غيرها ولكنها تبقى تحمل المنافسة بين طياتها، ومن يصف هذه المهرجانات بالضعف فهؤلاء هم ضعاف النفوس، فزنا بأربع جوائز في الجزائر،شاركنا في مهرجانات الطفل في المغرب أو الدول الأوروبية وغيرها من المهرجانات هل هناك من يصف أو حتى يعتقد بأن هذه المهرجانات ضعيفة ولا تقدم المستوى المطلوب؟! المجال مفتوح لمن ينطق بهذه التعابير فليخض التجربة ومن بعدها يقيَم ما تقدمه هذه المهرجانات من العطاء لخدمة المسرح، ويبقى الاختلاف حاضرا بالتأكيد بين المهرجانات إن كانت محلية وخليجية، أودولية، أو عالمية من حيث الإمكانيات المادية، ولكن الأهم فيما تقدمه هذه المهرجانات من عروض، فقد تنفق الأموال الضخمة على مهرجان ولكن العروض ضعيفة والعكس أيضا وتبقى المشاركات تشريفا وخطوة ناجحة للسير قدما بهذه الفرق المشاركة في سبيل الاستفادة وكسب الخبرات وخوض التجارب.
ما هو سر لقب «ملك السينوغرافيا»؟
السينوغرافيا علم وفن وصورة جمالية، وهي من تنقل العرض وتبهر المشاهد وتعتمد على السمع والبصر والحركة، ويهمنا دائما أن نركز على هذه النقاط الثلاث، ومنذ الطفولة كنت شغوفا بالرسم والتصوير الضوئي، وربما هذا الشغف قادني إلى الاهتمام بهذا الجانب وحبي الكبير للسينما رغم قلة صناعتها في السلطنة،و”ملك السينوغرافيا” لقب أعتز به كثيرا أطلقه علي بعض الصحفيين وبعض الإخوة الإعلاميين ولهم جزيل الشكر، وأثير هذا اللقب في مهرجان « الناظور» الدولي لمسرح الطفل بفضل من الله تعالى ودعوات الوالدين خصوصا الوالدة العزيزة –رحمها الله- التي كانت كثيرا ما دعت لي ولازلت أقول إن دعاءها الصالح كان سبب توفيقي في إنجازاتي. حصدت جائزة أفضل سينوغرافيا على مدى أربع سنوات متتابعة في أعوام 2008، 2009، 2010، 2011 في المهرجان الربيعي الدولي في المغرب، وكان المهرجان في دورته الخامسة عشرة، وحسب ما قيل في الصحف ونشرات الأخبار أو النشرات الخاصة بالمهرجان فإن هذه هي المرة الأولى التي يحصد فيها مخرج على الجائزة لسنوات متتالية مع دورات المهرجان بالرغم من وجود العديد من المشاركات من دول مثل الإمارات، بلجيكا، أسبانيا، فرنسا، العراق، مصر، قطر، الكويت، ودول كثيرة عربية وغير عربية وكنت أعمل جاهدا لخطف هذا اللقب في كل مرة،وبفضل من الله نلت الجائزة أيضا في السلطنة في المهرجان العماني لثلاث سنوات 2006، 2009، و2011 « وحصلت عليها في بعض المهرجانات العمانية المحلية كالمهرجان الشعبي وفي مهرجان «سوسة» في تونس.
هل يتم تقديم دعوات لكم لتقديم عروض من خلال مهرجاني «مسقط وصلالة»؟
لا. للأسف أقولها وبحرقة إن مهرجان مسقط ساعد في قتل المسرح العماني الجماهيري، ولم يساعد المسرحيين، والمهرجان يقوم باستضافة بعض العروض غير العمانية ب2000 ريال عماني وربما أكثر وهنا أنا لا أدعو إلى رفض أو عدم قبول العروض الخارجية، وإنما من باب الرغبة في تشجيع ودعم الأعمال المحلية، وضرورة الوقوف معها والمضي بها قدما، أتساءل: لماذا لا يكون هناك معهد للمسرح، وأكثر من مهرجان مسرحي عماني تقدم فيه الأعمال المسرحية للنهوض بالمسرح،قدمنا عبر فرقة مزون ملفا لسنتين متتاليتين لإقامة مهرجان مسرحي للأطفال، ورفض الملف كل مرة، ومن المفترض أن يكون لمهرجان مسقط دور بارز لخدمة الفن العماني المسرحي إلى جانب اهتمامه الواضح بالسينمائيين وأنادي باسمي وباسم كل المسرحيين في عمان أن ينظر مهرجان مسقط نظرة (رأفة) للمسرحيين ليتركوا المجال لابن البلد ان يتطور اما مهرجان صلالة السياحي فنقف وقفة شكر وتقدير لدعمه للمسرح واستضافته سنويا فرقتين إلى ثلاث فرق مسرحية من خارج المحافظة وتقديم الدعم لها.
ما هو العمل الذي شعرت أنه قدمك وبشكل قوي؟
الأعمال التي قدمتني كثيرة، ولكن العمل الذي كان الفاصل في حياتي هي مسرحية “أهل الكهف” التي قدمتها في 1995، كان الحماس والتشجيع كبيرين، وهذا ما دفعني للمواصلة والاستمرار، كما أن مسرحية «الملك أوديب» التي فازت على مستوى الأندية أيضا قدمتني بشكل كبير رغم أنني في البدايات،وكنت أضع المسرح مجرد هواية ولكن اليوم أنا في مرحلة الاحتراف، والمسرحية التي قدمتني وقدمت مسرح مزون هي «ريالي ولا عيالي» من تأليفي وإخراجي، ولاتزال هذه المسرحية من أكثر المسرحيات عرضا في أماكن العرض في صلاله، ونزوى، والبريمي، وصحار، والرستاق، وإبراء، وصور، وقدمت في الأردن، والبحرين، والإمارات هناك أكثر من 100 عرض لهذا العمل وكانت فرصة إشهار للفرقة في تلك الأيام وكانت آخر عروضها في 2003 وقدمناها أخيرا في عام 2006 وهي مسرحية أعتز بها كثيرا.
دراميا، قدمت أكثر من عمل والعمل الذي قدمني أكثر هو مسلسل «نظر عيني» المعروض في رمضان 2013 ويعرض إلى الآن في عمان، وسينمائيا أجد أن فيلم «جذور الغضب» قدمني بشكل جيد للناس وفاز العمل بجائزتين عربيتين وآخر عمل لي هو عمل سينمائي بحت «البنت الماشطة».
كثيرة هي الجوائز التي حصدتها.. ما هي الجائزة التي كنت تتمناها وحصلت عليها؟ وماذا تمثل لك هذه الجوائز؟
الحمدلله حزت على العديد من الجوائز بالنسبة لمهرجانات المسرح أو الإذاعة والتلفزيون للأعمال الدرامية وفزت أيضا في مسابقات للرسم والتصوير الضوئي على مستوى الأندية في بداياتي، والجائزة التي كنت أتمنى أن أحصل عليها هي في الإخراج على المستوى العربي،وحصلت عليها في أكثر من مهرجان «مهرجان الأصيلة» و «مهرجان الناظور» لمسرح الطفل الدولي وأخيرا في مهرجان «المسرح المغاربي» وحصلت عليها أيضا هنا في السلطنة في مهرجان المسرح الشعبي وأمنيتي الحصول على جائزة كبرى في أحد المهرجانات السينمائية الدولية.
هل تركز على مسألة الحصول على جوائز؟
الجوائز تعطي حافزا للإبداع والبذل في العمل والاجتهاد، والعمل على النص المسرحي والفيلم الدرامي والتلفزيوني يساعد كثيرا في المنافسة، وهذه الجوائز إن لم تكن مادية تذكرني بالوقت الذي بذلته في العمل، وهي محطة تاريخية أحتفظ بها كوسام استحقاق من هذه المهرجانات نظير جهد يساهم في بذل المزيد من العطاء، وهي هدية أقدمها للسلطنة، وتمثّل لي الكثير، فلحظة رائعة أن تقف وتكرّم مع وجود ذلك الكم الهائل من المنافسين.
ماذا تضيف لكم المشاركات الخارجية؟
المشاركات الخارجية مهمة جدا للمخرج والمسرحي والسينمائي، ولأي كان لأنها تكسبك الخبرة وتساعد في بناء النجاحات، والخبرات نتيجة الاحتكاك والارتباط بالعالم الخارجي من حولك يجعلك تفتح آفاقا أشمل وأوسع لتتعلم وتكسب الكثير.
جذبك مسرح الطفل لفترة، كيف تنظر للتجربة؟ وهل من جديد؟
مسرح الطفل تجربة جميلة جدا أحببتها وكنت أتمنى أن تستمر لكن ظروف مسرح الطفل لم تسمح بذلك بسبب قلة الاهتمام به في السلطنة، وبسبب هذا الفقر في الاهتمام سعت فرقة مزون جاهدة لإقامة مهرجانين لإحياء هذا المسرح، وبالفعل أقمنا المهرجانين عامي 2007 و2011، ونتمنى أن نقيم المهرجان الثالث على أمل أن يكون مهرجانا دوليا، فالأول كان محليا، والثاني عربيا، ولكن الإمكانيات المتاحة ضعيفة، أرى من الضروري الالتفات للطفل واحتياجاته بدلا من إهماله أمام شاشات الحاسوب والإنترنت والألعاب والقنوات الفضائية التي تسلب منه طفولته، وقلما تهتم بما يحتاجه، وتكمن ضرورة الاهتمام بمسرح الطفل لما قد يكسبه الطفل من أفكار وسلوكيات من هذا الفضاء الواسع والقريب والمباشر وللمسرح رونق آخر يمكن أن يرسمه للطفل.
هل تجد الدراما تعطيك حافزا ماديا ومعنويا أكثر، الإخراج المسرحي أو التلفزيون أقرب إليك؟
كما أسلفت سابقا حبي للرسم والتصوير الضوئي قادني للسينما، ولكن لقلة وندرة الأعمال السينمائة توجهت للدراما والمسرح، وبالأخص المسرح لأنني أستطيع أن أمارس عملي المسرحي بسهولة، فهناك خشبة مسرح ومكان لعمل البروفات ومن ثم العرض فلا يكلفني الكثير ماديا، ولكن الدراما رغم وجود الحوافز المادية البسيطة إلا أن ما قدمته في الفترات الماضية أفادني معنويا أكثر وأتمنى أن تكون هناك حوافز مادية أكبر، وسابقا تلقيت دعوة لإخراج عمل في الكويت وهناك اتصال مع شركة في الكويت لإخراج عمل درامي خليجي ولكن تبقى عراقيل ارتباطي بوظيفتي الحكومية وأخرى الأسرية وأتمنى أن أكون متفرغا لهذه الأعمال وأقدم للتلفزيون والدراما في السلطنة الكثير.
ما الذي يمنعك من ذلك؟
الحوافز المادية هنا قليلة، أما المعنوية فهي جيدة جدا وأمنية أتمناها دائما وترافقني في كل أعمالي وأسعى دائما إلى تحقيقها هي النهوض بالسينما والأفلام في السلطنة، وأن تكون لها مشاركات وظهور دولي وعالمي، وإيصالها لأبعد مما هي عليه، والفن بشكل عام هو القريب إلى قلبي والمسرح هو عشقي الأول.
ما هي تحديات شركات الإنتاج الخاصة؟ هل أعطت الدراما إضافة؟ وهل نجحت فكرة المنتج المنفذ؟
للأسف تحديات شركات الإنتاج كبيرة جدا، والتحدي يكمن في أن الشركة لو حصلت على عمل في سنة قد تتوقف سنتين إلى ثلاث سنوات لتقدم عملا آخر.
ما السبب؟
سببه عدم وجود خصوبة في الإنتاج الدرامي حتى تتطور هذه الشركات ماديا، والمشكلة الأكبر أن هذه الاعمال تقدم لشركات لا تمتلك رصيدا إنتاجيا، ولا تاريخا فنيا، وأتمنى أن يتغير هذا الفكر، وأرى حاليا أن قطاع الإنتاج الدرامي ومن بعد ما قدمه من خلال عمل واحد في رمضان يبحث عن الجديد ليقدمه للدراما العمانية، ورئيس قطاع الإنتاج الدرامي في الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون الفنان أحمد الأزكي صاحب أفكار جديدة،وأتوقع أن تطرح هذه الأفكار قريبا، وأن تكون هناك محاولات لتطوير الدراما في السلطنة.
هل تعتقد أن فكرة المنتج المنفذ خدمت الدراما العمانية؟
المنتج المنفذ نجح إلى حد ما، وإن لم ينجح فذلك لأن الأعمال بسيطة، ولا تسوّق لأسباب نحن نعرفها، والموازنات ليست بالضخامة التي نستطيع أن ننتج من خلالها أعمالا كبرى.
إذن ما هو الحل؟ وما هي الرسالة التي تريد توجيهها لبناء الدراما بصورة أفضل؟
أرى أننا بحاجة ماسة للوقوف على الدراما بشكل أكبر، والآمال معقودة على قطاع الإنتاج الدرامي ومن فيه من الأساتذة، كالمخرج أنيس الحبيب، والفنانة رشا ولكل من يسعى إلى تطوير هذا القطاع، أيضا نقول لمعالي رئيس الهيئة وسائر المسؤولين، نتمنى وقفتكم معنا، وأن تكون هناك جلسة نقاشية ولقاء بشركات الإنتاج للبحث في التحديات والمشكلات، ونحن قادرون على أن نصل إلى مستويات أفضل بنجومنا وشركاتنا لكن ينقصنا تصحيح بعض المسارات فقط وإن شاء الله القادم أفضل.
كيف هي علاقة فرقة مزون مع الجهات الداعمة للمسرح خاصة أو حكومية؟
علاقة الفرقة بالجهات الداعمة والخاصة علاقة جيدة، ولكن الدعم قليل جدا، هذا إذا وجدنا من يدعمنا خصوصا من الجهات الخاصة، وأذكر الرجل الذي لن أنساه ولن ينساه مسرح مزون وهو السيد علي بن حمود البوسعيدي بسبب وقفاته ومواقفه الكبيرة مع مسرحنا، كانت لنا مشاركة في العراق كل شخص دفع تذكرته من جيبه، ولكن أول مشاركة لفرقة أهلية عمانية في المهرجان التجريبي لمسرح مزون كانت من دعم هذا الرجل المعطاء وشاركنا في مهرجانات أخرى ولولا وقفته مع مسرح مزون لربما كانت أقل مستوى، ولكن الفاصل كان في هذا الدعم لأنه ساعد وطوَر في أن تستمر الفرقة في مشاركات كثيرة غيرها، إضافة إلى أن بعض الشركات أحيانا تشارك بشكل خجول وليس بالشكل المطلوب وغالبا ما يدفع الشباب تذاكرهم من جيوبهم الخاصة ولا ننسى عطاء وزارة التراث والثقافة التي تدعمنا في بعض المهرجات.
في ختام الحوار أتقدم لمؤسسة بيت الغشام بالشكر الكبير، ولمالكها السيد علي بن حمود البوسعيدي الذي كان أحد الأعمدة الرئيسية الداعمة للدراما والمسرح في السلطنة، ونتمنى أن يتم إحياء ما هو قيد الإنشاء لتطوير الدراما العمانية وأن ينظر المسؤولون للفن العماني نظرة أخرى لأنه كلما تطور هذا الفن فإنه يعكس صورة لتطور حضاري ثقافي فني في بلدنا العزيز تحت القيادة الحكيمة لجلالة السلطان المعظم..

نشر الحوار في العدد السادس من مجلة التكوين …

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق