العام

التمر العماني بلمسات الجمال والأناقة

أشجار النخيل السامقة حكاية مستمدة من هويتنا، استدامة حياتنا منذ أن عرف العربي قديما سر النخلة وسحرها.. وإلى يومنا هذا، رغم ما أصاب علاقتنا بها من جفاء نتيجة تطورات العصر وتغير أساليب طلب الرزق، في زمن لم تعد فيه النخلة والبحر المصدرين الأساسين في حياتنا.. لكن السنوات الماضية حملت أخبارا طيبة للنخلة والاهتمام بها، مشاريع رسمية وخاصة تعمل على تفعيل دور النخلة وإعادتها إلى واجهة حياتنا ضمن الأمن الغذائي المنشود، كمشروع المليون نخلة أو مهرجانات التمور التي وضعت نسخته السادسة في مسقط بعد نسخ سابقة استضافتها ولاية نزوى. قدم المهرجان «التمر» بجمال وأناقة، ثمة حكاية لكل مزارع مع نخيله، الارتباط الوثيق بما جعل هذه النخيل مصدرا مهمّا وعائدا ماديا يسعد به ذلك المثابر، الكبير والصغير منهم. منذ الخطوة الأولى داخل المكان تشعر وكأنك داخل مزرعة مليئة بالنخيل الباسقات وبين مختلف أنواع التمور ويمكنك أن ترى تشكيلات جديدة وتشم روائح زكية، فالجميع يتنافس على تقديم التمرة بشكلها الحضاري الجديد أو حتى بشكلها القديم المنثور لكن يبقى شكلها هو المحبب لدى الكثيرين.

استطلاع: شيخة الشحية

يقول سعيد بن ناصر البطاشي من ولاية قريات: «هذه هي المشاركة الثالثة لي في هذا المهرجان وهناك فرق واضح بين إقامته في نزوى، وفي مسقط، حيث عاملا البعد والحركة التجارية بالرغم من أن الإقبال كان ضعيفا في الأيام الأولى من المهرجان إلا أنه زاد في الأيام التالية، وأرجح أن يكون السبب هو عدم التسويق الجيد للمهرجان». وأضاف: «مشروعي يحمل اسمي الشخصي، ولدي محلي الخاص أقدم فيه التمور من مزرعتي الخاصة فالنخلة العمانية تأتي بالعائد الكبير للذي يهتم بها جيدا، وأنا أعمل في المزرعة بنفسي ولا أشجع الاعتماد على العمالة الوافدة، والنخلة العمانية فيها خير كثير، وأقدم هنا التمر المعجون بالطرق الحديثة وأسعى إلى إنتاج مشروبات مصنوعة من التمر».
وعن الإقبال يقول سعيد البطاشي: «هناك إقبال على التمر المعجون أكثر لأنه قد يكون أسهل في الأكل عكس التشكيلات التي تقدم حاليا وفي أوعية متنوعة»، مشيرا إلى أنه سيركز في مشاركته القادمة على إنتاج «الدبس» كونه يصلح حتى أن يكون بديلا للسكر، وكذلك استخراج السكر من التمور بالطرق الحديثة، وتصنيع المشروبات والمخللات من التمور، وطحن النوى له استخدامات عدة مثل إضافته للمعجنات واستخدامه بديلا عن القهوة».

التمر.. كالشكولاتة
وفي ركن آخر هناك أسماء بنت علي المهدية التي تدير مشروع «البنفسج للتمور والشوكولاته»، وتقوم بصنع التشكيلات المتنوعة للتمور المزينة بالمكسرات بجميع أنواعها والسمسم والعسل واللوتس والقهوة وهذه المشاركة الثانية لها، تقول أسماء: «شاركت في المهرجان العام الماضي في نزوى، وأجد أن الحركة التجارية مختلفة كثيرا ففي نزوى المبيعات قليلة فما كنا نكسبه في نزوى خلال شهر كسبناه في مسقط في يوم أو يومين، والسبب أن ولاية نزوى تتوفر فيها الكثير من التمور، حتى إن أهل المنطقة يقولون لنا (أنتو جايين تبيعوا الماي في حارة السقايين)».
تقدم أسماء تشكيلات متنوعة من التمور وفي قوالب مختلفة وبأسعار قالت إنها في متناول أيدي الجميع بالرغم من أن البعض يصفها بالمرتفعة، كما أنها تقدم تمرًا بالفول السوداني وتمرًا بالرهش واللوتس والفستق لتلبي بهم رغبات الأطفال. وتضيف: «أنا جديدة في هذا المجال وليس لدي محلا خاصا للبيع، ولكنني أمتلك معملا خاص بي وأروج للمنتجات في برامج التواصل الاجتماعي، أما عن تقبل المجتمع أرى أن هناك فئة تقبلت وأحبت الإضافات الجديدة أما فئات أخرى فلم تتقبلها».
ميشان.. من قريات
وقال إسباط أحمد الزيدي من ركن ميشان: «نعمل منذ ما يقارب الخمس سنوات في تصنيع التمور، وهذه أول مشاركة لنا في مثل هذا المهرجا،ن وأرى أنها ممتازة جدا والمكان مناسب، والإقبال كبير جدا ولله الحمد، لدينا محلنا الخاص الذي يحمل اسم ميشان ونعرض من خلاله منتجاتنا وكذلك نعرضها في برامج التواصل الاجتماعي». وأضاف: «نوفر التمر المدلوك بالمكسرات والسمسم في تشكيلات جديدة مصنوعة على أيدي عمانية ووافدة أيضا بالإضافة إلى العلب المصنعة الجاهزة أيضا، أما بالنسبة للأسعار فهي متفاوتة على حسب العمل، والمجتمع أغلبه متقبل التجديد الذي طرأ على التمور من إضافات وتشكيلات وتجذبهم هذه التشكيلات بشكل كبير».
ومن مركز النخلة في ولاية الرستاق والتابع للهيئة العامة للصناعات الحرفية وجدنا عزة بنت عبدالله البحرية التي قالت: «كون المهرجان خاص بالتمور فنحن نقدم منتجات مصنوعة من سعف النخيل ويمكن استخدامها لأغراض متعددة للعطور والهدايا، والتمر والخبز، وللتزيين أيضا وكذلك نقدم طقما للضيافة وملفات مصنوعة من السعف والسباعية التي يتم تصنيعها بأياد عمانية».
وأضافت: «بالنسبة لعملية صنع السلال مثلا نقوم بتجهيز المسطحات أولا وتقطيعها وخياطتها باليد فالسلة الواحدة تتكون من عشر قطع تمت خياطتها مع بعضها البعض ويوجد بينها مقوى لتلتصق ببعضها، والحمدلله وبشهادة الجميع هذا الركن من أكثر الأركان الذي لديه إقبال كبير على منتجاته فالناس تشدها الصناعات اليدوية».
وتشير البحرية إلى أن ذلك من اهتمامات الهيئة العامة للصناعات الحرفية فقد جهزت بيوتا حرفية داخل المبنى الخاص بها ويتم فيها عرض وبيع كل هذه المنتجات. وعن الإقبال والأسعار قالت: «هناك إقبال من السائح العماني بشكل ملحوظ وهم قد يطلبون صناعات معينة فيتم تصنيعها خصيصا لهم، وبالنسبة للأسعار فالذي يقدر قيمة العمل اليدوي لا يرى الأسعار غالية أو مرتفعة».
55 نكهة
وأثناء التجوال وجدنا «تمور الجابري» وصاحبها أحمد بن حميد الجابري الذي يقدم تمورا متعددة النكهات بما يقارب الـ 55 نكهة بينها نكهة اللبان، والزعفران، والقرفة وغيرها الكثير. ويقول الجابري: «هذه أول مشاركة لي في مثل هذا المهرجان، وتمورنا مميزة لأنها منحوتة كالرسم فيمكن للزائر أن يأكل تمرة على شكل الفراشة والورد والطير وورقة شجرة، والعمل أسري يساعدنني فيه بناتي».
وأضاف الجابري أن المنافسة موجودة بين المشاركين فالجميع مجتهد ونشيط والمنافسة الشريفة مطلوبة أيضا ولكن تبقى الغاية هي النهوض بالتمور العمانية وتلبيسها حلة جديدة مختلفة عن التي تعودنا عليها ليكون الاقبال على التمر أكثر من الحلويات الضارة خصوصا للأطفال.
وعن تقبل المجتمع الشكل الجديد للتمور قال: «أغلب زبائني من النساء اللواتي يخبرنني بأن الأطفال بدأوا بتقبل التمر وهو في هذه الحُلة الجديدة مقبول أكثر من تلك المعروفة والمعتاد عليها، أما الأسعار فأراها مناسبة وفي متناول الأيدي ولدي محلات لأصدقاء أعرض من خلالها منتجاتي إلى أن يكون لي محلي الخاص، كما أنني أعرض منتجاتي في السوق الحرة بمطار مسقط الدولي».
«الدبس» التقليدي
سالم بن عبدالله الحمزي من ولاية المضيبي والمشروع باسمه الشخصي يقدم التمور المصنعة وغير المصنعة، كما يقدم نوعين من الدبس العماني المخلوط بمجموعة من التمور ودبس تمور الفرض والذي يتم استخراجه بالطريقة التقليدية، ولا يحبذ الوالد سالم الحمزي استخدام الطرق الحديثة في استخراج الدبس لأنها غير مرغوبة وقيمته قليلة. يقول الحمزي: «للتزيين نستخدم السمسم والحبة السوداء والسنوت وهناك منافسة بين المشاركين في ما يقدمونه من تشكيلات ونوع التمر المتوفر وجودته أيضا وتبقى المنافسة جيدة وشريفة، وأرى الأسعار مناسبة للجميع وهناك تقبل كبير من المجتمع للإضافات الجديدة على التمور، وأضاف: «العمل خاص ومنزلي وهذه المشاركة السادسة لي في المهرجان وأرى أن إقامته في مسقط أفضل من نزوى لأن التمور متوفرة في نزوى بكثرة وكذلك لا يوجد بها سياح كثر عكس مسقط فهم محبون للتمور وفي بحث دائم عنها».
انطباعات زوار
شفاء الحراصية (أحد زوار المعرض) في زيارتها الأولى للمهرجان ترى أنه «مبادرة جيدة وجميلة ليتم فيها عرض أنواع التمور المتوفرة في السلطنة وبأشكال جديدة ومختلفة عن ما تعودنا عليه، وحقيقة نتمنى استمرار هذا النوع من المهرجات وأنا شخصيا من محبي التجديد الذي دخل على التمور من إضافة النكهات المختلفة والتشكيلات التي يعمل عليها أصحاب المشاريع، وأجد أن الأسعار التي يقدمونها مناسبة أيضا، كما أن التنظيم مرتب ومناسب، ولكن المكان بشكل عام غير مناسب فليس هناك مواقف للسيارات والزوار عددهم كبير ما شاء الله».
وعبر جاسم بن عبدالله الزهيبي الذي زار المعرض عدة مرات عن أهمية هذا النوع من المهرجانات كونها دافعا ومحفزا للمشاركين والمزارعين للاهتمام بالنخلة ودورها في توفير دخل للأسرة العمانية، يقول: إن هذه المهرجانات بوابة للتعريف بالتمر العماني بأنواعه داخل وخارج السلطنة وكيف يمكن استخدامه في أغراض متعددة كاستخدامه بديلا عن القهوة. وأضاف: «أعجبني ركن وزارة الزراعة والثروة السمكية وما يقدم من خلاله وهو إفادة المزارعين والزوار أيضا بالطرق الصحيحة والسليمة لزراعة النخلة، فالموجودون يستفيدون ليس فقط من شراء المنتجات وإنما في كسب معلومات أيضا حول أشجار النخيل.
أما بالنسبة للتنظيم فيعتبره الزهيبي ممتازا «لأن المنظمين تولدت لديهم خبرات وهذا المهرجان هو السادس في نسخته، فالتنظيم مناسب والمشاركون متعاونون مع الزوار»، أما كونه يقام في مسقط «فهو مناسب جدا ومكان الخيمة موجود بين الوزارات وقريب من أغلب الموظفين لذلك فالمنظمون وفقوا في اختيار المكان حقيقة». وأضاف أيضا: «بالنسبة للأسعار فهي مناسبة وإن كان هناك اختلاف فهو يعود لكمية الجهد والوقت أو أن بعض أنواع التمور قيمتها مرتفعة قليلا».
وعن التجديد في التمور وما أضيف إليها من تشكيلات ونكهات قال: «بالنسبة للنكهات والإضافات للتمور أنا شخصيا لا أحب هذا الأمر لأنني أرى أنها تفقد التمرة محتواها الغذائي أو قيمتها الغذائية وطعمها الأصلي».

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق