مقالات

رمضان بدون دعاء جدتي

شيخة الشحية 

يأتي رمضان هذا العام مختلفا، مع أننا نتوقعه مختلفا في كل عام، قبل حلول الشهر الفضيل نتحدث عن مخاوفنا من درجات الحرارة، وكيف نتحمل ثقل العطش رغم وجود أسلحتنا القوية المعتادة.. (أجهزة التكييف).
كل تلك التوقعات المخيفة من درجات الحرارة تتلاشى، فيمر الشهر مرورا كريما خفيفا، مسقطا كل تلك الادعاءات، فـ رمضان ما به إلا: الرحمة، والمغفرة.. والعتق من النيران.
يرى البعض اختلاف رمضان بشكل آخر، فمنهم من يقرر أن يكون أقرب إلى الله بأعمال أكثر من الأعوام السابقة، من صلوات وصدقات وصالحات أعمال لتحقيق الصيام الفعلي لهذا الشهر من امتناع الطعام، وامتناع اللغو لتسمو النفس وتتطهّر فتنمو الروح الإيمانية لدينا. أما لماذا «رمضاني» يكتسب سببا حقيقيا لاختلافه، فذلك لأن «أم البيت» غادرته، تاركة لنا فراغ ترقب رؤية الهلال بدون حضورها الجميل.. غادرتنا ابتسامتها، وغاب دعاؤها.
بعد وفاتها وقفت كثيرا عند هذا الحدث ورهبته وما انساب من حزن عميق في قلبي، فكرت كثيرا كيف لها أن ترحل وقد اعتدنا أنها جزء من حياتنا؟!، أو كيف لأولئك الراحلين أن يرحلوا؟، صمتّ لحظة وتذكرت أنني سأرحل يوما، وسيكون هناك من يتساءل: كيف لها أن ترحل!.
جدتي في رحيلها وجع لا يوصف، لا ينسى، ولا يموت. تبقى تفاصيل المشهد حاضرة رغم الغياب الطويل والقصير، البعيد والقريب، فالحقيقة ليس لدي تلك القوة التي أنهي بها تلك الحرب القائمة داخلي على مباغتة الموت لك.
جدتي.. عادة ما يزهو رمضان بإبتسامتك ودعائك، والألم كل الألم أنني لن أسمع دعواتك هذا العام، لن أسمع كل تلك الكلمات الجميلة بتعابيرها الفريدة من نساء لا يتكررن إذا رحلن.
لا بأس، أقولها وأنا ما زلت أتألم لفقدك.
جدتي، أنتِ الذاكرة التي عشنا بها، والأم التي احتوت الجميع بأمومة حانية، ستبقى ذكراك حية في ذاكرتنا، وستبقى ذكريات الطفولة وشقاواتها، ورغم الغياب سيبقى حضورك، وستبقين أنتِ في أحاديثنا وكلماتنا، وإن غاب دعاؤك سيحضر دعاؤنا لك.
الرحمة على روحك، في أيام الرحمة، فاللهم ارحمها برحمتك.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق