العام

حقوق المرأة ذات الاعاقة في الاتفاقيات والمعاهدات الدولية (2 ـ 2)

 محمد عبده الزغير

 خبير بوزارة التنمية الاجتماعية

2) اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة وبروتوكولها الاختياري

تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر من عام 1979 معاهدة القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (CEDAW)، وهي اتفاقية دولية رئيسية حول الحقوق الإنسانية للنساء. وتم بدء العمل بها في سبتمبر1981. وأهتمت الاتفاقية بكل جوانب شئون المرأة وكل مناحي حياتها.

  وتهدف الاتفاقية (الديباجة وموادها الثلاثون) إلى القضاء على التمييز بين الجنسين وتعزيز المساواة بين الجنسين. وتنظر لجنة القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة في التقارير المقدمة من الدول الاعضاء عن مستوى تنفيذها لبنود الاتفاقية. كما تخًول الاتفاقية اللجنة بتقديم مقترحات وتوصيات بناء على مراجعتها للتقارير، وعلى المعلومات التي تتلقاها من هذه الدول (3).

  كما تبنَّت الجمعية العامة للأمم المتحدة البروتوكول الاختياري لاتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) في اكتوبر 1999، ودخل حيِّز التنفيذ في 22 ديسمبر 2000. ويتألف البروتوكول من إحدى وعشرين مادة، وبموجبه تختص اللجنة الخاصة بالقضاء على التمييز ضد المرأة بتلقِّيالبلاغات المقدَّمة إليها والنظر فيها. ويجوز تقديم هذه البلاغات من قبل أفراد أو مجموعات يرون أنهم ضحايا انتهاكات لأيٍّ من الحقوق الواردة في الاتفاقية. 

ومع أن الاتفاقية والبروتوكول الملحق بها، تعني بحقوق المرأة بشكل عام بما فيها المرأة المعاقة، الا ان لجنة القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة اصدرت توصيتين خاصتين بشأن المرأة المعاقة. فقد جاءت التوصية العامة (الاولى) بشأن “النساء المعوقات” (التوصية رقم 18)في عام 1991، حيث طالبت اللجنة فيها الدول الأطراف بأن تقدم في تقاريرها الدورية، معلومات عن النساء المعوقات وعن التدابير المتخذة لمعالجة حالتهن الخاصة، بما في ذلك التدابير الخاصة لضمان المساواة في حصولهن على التعليم والوظائف، والخدمات الصحية، والضمان الاجتماعي، والتأكد من إمكانية مشاركتهن في جميع مجالات الحياة الاجتماعية والثقافية.

  أما التوصية (الثانية) أي (التوصيةالعامة رقم 24) فقد صدرت في عام 1999 بشأن ” المرأة والصحة”، وقد طالبت اللجنة من الدول اتخاذ الإجراءات والتدابير المناسبة بشأن وضع النساء ذوات الإعاقة الصحي وتقديم تحليلاً له في تقاريرها(4).

3) اتفاقية حقوق الاشخاص ذوي الاعاقة وبروتوكولها الاختياري

  اعتمدت الامم المتحدة اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في 13 ديسمبر 2006؛ وفُتح باب التوقيع عليها في 30 مارس 2007 ودخلت حيز النفاذ في 3 مايو 2008 بعد تصديق الدولة الطرف العشرين عليها. وقد اعتمدت الاتفاقية وبروتوكولها الاختياري معا، ليكونا بمثابة وسيلة لتحسين احترام حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.  

  ودخل البروتوكول الاختياري للاتفاقية حيز النفاذ في الوقت نفسه الذي دخلت فيه الاتفاقية حيز النفاذ. وهو يخول لجنة الخبراء صلاحيات إضافية. واللجنة يمكنها قبول وبحث شكاوى الأفراد ويمكنها، حيثما توجد أدلة على حدوث انتهاكات جسيمة ومنهجية لحقوق الإنسان، إجراء تحقيقات حول تلك الانتهاكات. 

  وتعتمد الاتفاقية تصنيفاً واسعاً للأشخاص ذوي الإعاقة وتؤكد على ضرورة تمتع الأشخاص ذوي أنواع الإعاقات المختلفة، بجميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية. وتقر الاتفاقية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة لأنهم غالباً ما يحرمون من حقوقهم أو ببساطة قد لا يكونوا على علم بها. وتوفر الاتفاقية معايير كافية لحماية الحقوق المدنية والثقافية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية للأشخاص ذوي الإعاقة على أساس الإدماج والمساواة وعدم التمييز. 

  وتضع المعاهدة على عاتق الدول التزامات بتعزيز نماء الأشخاص ذوي الإعاقة وحمايتهم. وعلى الدول أحياناً أن تتخذ خطوات مختلفة أو إضافية للتكفل بإعمال تلك الحقوق. وجميع الدول الأطراف ملزمة بتقديم تقارير منتظمة إلى اللجنة عن كيفية إعمال الحقوق. ويجب على الدول الأطراف أن تقدم تقريراً أولياً في غضون سنتين من قبول الاتفاقية وأن تقدم بعد ذلك تقريراً دورياً كل أربع سنوات. وتنظر اللجنة في كل تقرير وتقدم اقتراحات وتوصيات عامة بشأنه وفقاً لما تراه مناسباً وترسل هذه الاقتراحات والتوصيات إلى الدولة الطرف المعنية(5).

  وتتكون الاتفاقية من ديباجة و (50) مادة. وتتطرق الاتفاقية إلى المرأة ذات الإعاقة بشكل مباشر في مادة محددة (المادة 6) (6)، وكذلك عبر مجمل نصوصها في نواحٍ مختلفة، كالديباجة، والمبادئ العامة في (المادة 3)، و(المادة 7) الخاصة بالطفل المعاق و(المادة 8) الخاصة بإذكاء الوعي، و(المادة 16) عدم التعرض للاستغلال والعنف والاعتداء، و(المادة 25) الصحة، و(المادة 28) المعنية بمستوى المعيشة اللائق والحماية الاجتماعية.

 وتحدد الاتفاقية فئتين من الأشخاص ذوي الإعاقة الذين يمكنهم أن يتعرضوا بوجه خاص للتمييز، وهما، النساء ذوات الإعاقة والأطفال ذوو الإعاقة. ولذا خصصت لهما الاتفاقية المادتان (6 و7). ومن المجالات التي تكون فيها النساء والفتيات مستضعَفات، هو العنف القائم على نوع الجنس. ويقدر صندوق الأمم المتحدة للسكان أن الأشخاص ذوي الإعاقة معرضون ثلاث مرات أكثر من غيرهم للاعتداء الجسدي والجنسي والاغتصاب. والنساء والأطفال ذوو الإعاقة معرضون بشكل أكبر ليكونوا ضحايا العنف أكثر من نظرائهم الذكور(7).

 وزيادة في الاهتمام بالمرأة المعاقة اصدرت اللجنة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (التعليق العام رقم 3) في هذا العام 2016 بشأن “النساء والفتيات ذوات الإعاقة”. وقدٌم التعليقإرشادات للدول بشأن الكيفية التي تستطيع أن تعزز بها تمكين النساء ذوات الإعاقة لكي تكون بوسعهن المشاركة في جميع مجالات الحياة على قدم المساواة مع غيرهن، وفقاً لما هو منصوص عليه في الاتفاقية وبوضوح في المادة (6). 

   وألزم التعليق الدول بأن تقوم بتمكين النساء عن طريق “رفع مستوى ثقتهن بأنفسهن، وضمان مشاركتهن، وزيادة ما لديهن من قدرة وسلطة لاتخاذ القرارات في جميع المجالات التي تؤثر على حياتهن.” ويبين التعليق العام بالتفصيل التدابير التي ينبغي أن تتخذها الدول الأطراف في طائفة من المجالات، بما في ذلك الصحة والتعليم والوصول إلى العدالة والمساواة أمام القانون والنقل والتوظيف، لتمكين النساء والفتيات ذوات الإعاقة من التمتع الكامل بحقوق الإنسان الخاصة بهن(8).

   وتجدر الاشارة الى ان هناك عددا واسعاً من الصكوك الدولية التي تتصف بأهمية معينة بالنسبة للمرأة والفتاة، وتتصل بالمرأة المعاقة، الا انه تم التركيز في هذه القراءة على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، باعتبارها معاهدة حقوق الإنسان المختصة بحقوق النساء، ويمكن أن تقرأ مع اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، بحكم صلتهما بموضوع المرأة ذات اعاقة، والهدف منه هو تعزيز المساواة من أجل النساء ذوات الاعاقة والعمل على تمكينهن.

 


(3) للمزيد من التفصيل: أنظر اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، الأمم المتحدة، حقوق الإنسان، المفوضية السامية لحقوق الإنسان، المعاهدات الدولية الأساسية لحقوق الإنسان، الأمم المتحدة، نيويورك وجنيف، 2014، ص ص 87 – 102.
(4)موقع الامم المتحدة، حقوق الانسان، مكتب المفوض السامي. لجنة القضاء على التمييز ضد المرأة (CEDAW)، http://www.ohchr.org/AR/HRBodies.

(5) للمزيد من التفصيل: أنظر اتفاقية حقوق الاشخاص ذوي الاعاقة، الأمم المتحدة، حقوق الإنسان، المفوضية السامية لحقوق الإنسان، المعاهدات الدولية الأساسية لحقوق الإنسان، الأمم المتحدة، نيويورك وجنيف، 2014، ص ص 253– 102.

(6)  تنص المادة 6- بشأن النساء ذوات الإعاقة على:

 

  • تقر الدول الأطراف بأن النساء والفتيات ذوات الإعاقة يتعرضن لأشكال متعددة من التمييز، وأنها ستتخذ في هذا الصدد التدابير اللازمة لضمان تمتــعهن تمتعا كاملا وعلى قدم المساواة بجميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية.
  • تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير الملائمة لكفالة التطور الكامل والتقدم والتمكين للمرأة، بغرض ضمان ممارستها حقوق الإنسان والحريات الأساسية المبينة في هذه الاتفاقية والتمتع بها.

 

(7) Department of Economic and Social )للمزيد من المعلومات انظر

Affairs, UNFPA, Wellesley Centers for Women, Disability Rights,

Gender and Development: A Resource Tool for Action. www.un.org/

disabilities/documents/Publication/UNWCW

(8) للمزيد من الاطلاع حول التعليق، انظر :Committee on the Rights of Persons with Disabilities

General comment No. 3 (2016) Article 6: Women and girls with disabilities

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق