الفني

خالد الزدجالي:  أعشق الإعلام وأحلم بإعداد برنامج يطرح قضايا الناس ويلامس احتياجاتهم

 

  • يقدم المذيع الكبير خالد الزدجالي نفسه على أنه إبن عمان، وفي هذه الأرض نشأ، عشق الإعلام منذ نعومة أظافره، يحب القناة العمانية ويرفض التغريد خارج سربها له إبداعاته وبرامجه المميزة وإطلالته الخاصة، يطمح للكثير ويرى أن الإعلامي محظوظ اليوم مع توفر كل الوسائل أمامه، هو اسم له ثقله، عدد متابعيه عبر عشرات البرامج التي قدمها شهادة نجاح، وعدد متابعيه عبر التواصل الاجتماعي يؤكد حضوره كنجم عماني لم يخفت ضوءه منذ أن أطلّ على الشاشة أول مرة، تميّزه ضحكته التي تعكس طيبته وتواضعه.. في “التكوين” حاورناه، وكان الحديث سلسا، ومتشعبا، وأنيقا بأناقة ضيفنا..

حاورته: شيخة الشحية

بداية حدثنا المذيع خالد الزدجالي عن نفسه بالقول: أنا الإنسان البسيط الذي نشأ على هذه الأرض، أحبها ككل عماني وأخلص لها فأنا خالد ابن الحي، وابن القرية، وابن الولاية، وابن عمان، حاولت أن أجتهد في عملي، وبكل تأكيد خلال هذه الرحلة التي تقترب من الثلاثة والثلاثين عاما والمصاحبة للعديد من الجد والإجتهاد والنجاحات والإخفاقات فإنني استفدت وتعلمت الكثير من أخطائي، والتوفيق أولا وأخيرا من الله سبحانه وتعالى، وبالنسبة لوجودي كمذيع فهذا أراه أهم بالنسبة لي شخصيا من المسميات الإدارية، ولم أسعى للمناصب أو الكراسي ولا تعني لي الكثير، وأحاول قدر الامكان أنا أكون بعيدا عنها، ولكوني اليوم “نائب مدير دائرة برنامج الشباب بالمديرية العامة للإذاعة بالهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون” فهذا مكان شرَفت به وكلَفت في نفس الوقت.

عشق الإعلام

وفي حديثة عن تفاصيل عشقه للإعلام يستعيد خالد الزدجالي بداية الحكاية، يقول: منذ الصغر رافقني هذا العشق، كبرت وكبر معي فأنا عاشق (الميكرفون) وعاشق الشاشة، ولا يمكن أن أتخلى عن هذين العشقين، فالعشق قديم تربى معي، وبالرغم من تعدد الهوايات فهي الأولى والأقرب إلى قلبي، وكونها تحولت إلى مهنة فهذا هو ملعبي، الإذاعة والتلفزيون، كما تمثل المساحة الخضراء ملعبا للاعب كرة القدم، كما أنه لا يمكنني أنا أتخلى عن ما أقدمه من قضايا المجتمع التي هي قضاياي، وقضايا الناس، وبما أنه أتيحت لي الفرصة أن أكون واجهة للمواطن عبر برامجي، والقضايا التي أطرحها من خلال بابي الإذاعة والتلفزيون فأحاول قدر المستطاع أن أقدمها وأستعرضها بالطريقة التي يسهل للمستمع والمشاهد استيعابها، وبالطريقة التي اعتدنا عليها نحن في عمان والمتمثلة في الأسلوب الهادئ والسلس، الأسلوب العقلاني العماني، فتصل المعلومة والفكرة للمسؤول من دون أي ضجيج، لتحمل في ثناياها الفائدة لتعم الوطن والمواطن، فكلنا دائما نشد على أيدي بعضنا البعض لكي نرتقي بعمان ونبنيها، كلاً في مجاله.

وأضاف: من عشقي للإعلام أرى أن خالد الزدجالي اليوم لم يقدم شيء للإعلام بعد، أما الإعلام فأفضاله كبيرة علي، وأكرمني بالكثير وأهمها إحاطته لي بكنز من الكنوز هو حب الناس، ولولا الإذاعة والتلفزيون لما وصل خالد إلى الناس وإلى قلوبهم.

هوايات أخرى

جميل أن يسبح كل منا من خلال هوايات متعددة لنحقق التنوع والإختلاف وعدم التكرار، يقول المذيع خالد الزدجالي: الإعلام محبوبي الأول، واليوم أنا في فترة أستطيع أن أقول عنها بأنها متوازنة، فليس المهم أن تتعدد الهوايات إنما الأهم أن تحافظ عليها حية دائما، وأن توفق بينها جميعا واليوم أنا أكثر هدوءاً عن فترة الشباب والبدايات التي كانت فيها الإنطلاقة وكان من الضروري إثبات نفسي وإبرازها لكي أصنع مكانتي بنفسي، أيضا أحب القراءة وأعتبرها ضرورة من ضروريات الحياة وضرورية للإعلامي تمكنه من الخوض في فضاء واسع من المعلومات وليكون محاط بالمعارف والأشياء ليرسم لها صورة واضحة خاصة اليوم كون القراءة أكثر سلاسة ومتاحة بطرق كثيرة عكس ما كانت عليه سابقا مزعجة وصعبة فقد تجد المعاناة ان صح التعبير في إيجاد المعلومة والكتاب والصحيفة واليوم هي فقط كبسة زر وتأتيك المعلومة أينما تحب، والقراءة قد لا أعتبرها هواية بل ضرورة من الضرورات، كذلك من هواياتي الرياضة وأحاول قدر المستطاع أن أحافظ عليها رغم الإنشغالات فلابد من إيجاد مساحة لممارستها دائما وبشكل يومي.

رأي

يشير خالد إلى مجموعة من المميزات التي تجعل من المذيع ناجحاً، ومتمكناً مما يقدمه كقوة الحضور بشكل عام،  والحضور الذهني بصورة خاصة، فلابد أن يكون المذيع واعيا ومدركا لما يقدم ويناقش، كذلك أيضا الكاريزما وقبول الناس له وهذه نعم أكرم بها الله عز وجل هؤلاء الأشخاص، والثقافة والإلمام والثقة بالنفس أما الكاميرا وخلف (الميكرفون) فالثقة تجلب المرونة في التعامل، فتحب الكاميرا وتحبك، أما مذيع الإذاعة فلابد أن يتميز بنبرة الصوت وطبقاته وأدائه الذي يظهر الصدق فيكسب به الناس، فيتفاعلوا معه بدل أن ينفروا منه.

وانتقد خالد الزدجالي من يدخل إلى عالم الإعلام من باب التطفل، يقول: كم منهم من دخلوا لأغراض “في نفس يعقوب” لكنهم لم يستمروا حيث نفرتهم الشاشة و(الميكرفون).. ونفرهم الناس بطبيعة الحال، فالشهرة كانت المبتغى والهدف، فأصبحت النهاية مؤسفة لهم.

وأضاف: إن الإنسان يمكن أن يحقق الشهرة في أي مجال من المجالات ولكن الأهم هو ما تملكه من أفكار وما هي الغاية والهدف والرسالة، لا ينقصنا العدد بقدر ما ينقصنا الفكر خاصة اليوم في ظل هذا التنافس الكبير والسريع بين الفضائيات والإنترنت ومواقع التواصل الإجتماعي وإنشغال الناس، لأن كل ذلك أدّى إلى قلّة عدد المتابعين للإذاعة والتلفزيون، فيأتي دورنا هنا في كيفية جذب الناس إلينا من جديد، وكيف نكون أقرب إليهم وسبَاقين في النشر، والرد لما يحتاج أن نرد عليه من الإشاعات التي تثار اليوم بين فترة وأخرى.

وفي الحديث عن الغرور قال الزدجالي: الغرور قبر قد يحفره المذيع لنفسه فهو من الناس، وصنع نجاحه الناس، وفي أي لحظه قد ينفرون منه إذا شعروا بتعاليه عليهم، فلا الظهور على الشاشات ولا سماع الناس لصوتك عبر المذياع يجعلك الأفضل، فهناك من يجتهد في المجتمع، وفي الشارع، وفي البيت، وفي البلد ككل، فقط نحن أتيحت لنا فرصة الظهور تلفزيونيا وإذاعيا، وفي النهاية تصب الجهود لخدمة هدف واحد هو خدمة عمان.

يضيف: لا يخفى علينا أن هناك بعض الأشخاص الذين أتتهم الشهرة بسرعة وبطرق سهلة، والمهم كيفية المحافظة عليها، وعدم ذم الآخرين، والتقليل من شأنهم، فاليوم نحن نتحدث عن أساتذة في الإعلام وأسماء كبيرة لا يمكن التقليل منها، وقد تأثرت بهم كثيرا بدءا من الأستاذ ذياب العامري، والأستاذة منى محفوظ المنذرية، والأستاذ يعقوب الزدجالي، والأستاذ عبدالعزيز السعدون الذي أخذ بيدي وعلمني، والأستاذ حمد البلال رحمة الله عليه، والأستاذ عبدالرحيم عيسى، وغيرهم من الأساتذة المصريين الذين كانوا معنا في مرحلة مبكرة وتأثرت بهم أيضا، أنت بما معك من جديد تستفيد من الخبرات السابقة، هكذا هي القاعدة، استلمنا الراية من الذين سبقونا، واليوم نسلمها نحن لمن بعدنا بكل هدوء ومحبة.

تقييم

وعن تقييمه للمذيعين اليوم يقول الزدجالي: أنه مع توفر كل الوسائل من انترنت ووسائل التواصل وهذا الفضاء المفتوح من المعرفة فالمذيع اليوم محظوظ وبأفضل حال، فقط ينقصه أن يجتهد ويثابر ويتعب على نفسه ليصنع من نفسه شمعة تنير الأماكن أينما حل.

يتحدث المذيع خالد الزدجالي عن عمل بعض المذيعين العمانيين في فضائيات خارج السلطنة، لا يرى ذلك بصورة سلبية، يقول: لوكانت البيئة الإعلامية صحية ومهيأة له هنا  لما انتقل إلى أماكن أخرى.

لكن ماذا عنه؟ يجيب: أقولها بصراحة، لديّ مبدأ أن لا أخرج ولن أغرد خارج سربي، فلا يمكن للإغراءات أن تشدني إلى خارج عمان رغم كثرتها وكثرة العروض التي قدمت لي وكانت منها أن مدير إحدى الفضائيات عرض علي الإنتقال إلى إحدى القنوات مقابل شيك مفتوح أضع فيه المبلغ الذي أريد وكان الشرط أن أرتدي زياً غير الزي العماني فرفضت وبشكل قوي فلا يمكن أن أتخلى عن لباسي فأنا أتشرف به.

التخصص

يقول المذيع خالد الزدجالي: أؤمن بالتخصص، وبرامجي منوعة كوني أجدها أقرب إلى الناس، فلم أجد نفسي في برامج الأخبار، والسياسة، والإقتصاد، والرياضة وغيرها وإن قدمت في برامجي أحيانا بعضاً منها فالأكيد أنني قد درستها بشكل كبير ومفصل في حدود ما سأقدمه لتجنب الأخطاء، لذلك لا أشعر بالضياع، وأحب البرامج القريبة من الناس أي بمعنى التي تنقل قضاياهم وهمومهم فأنا جزء منهم.

الإعلام التنموي

وفي الحديث عن الإعلام اليوم عبر خالد أنه رغم الإجتهادات المبذولة من الجميع إلا أن الإعلام لازال إعلاماً تنمويا وهذا ليس بالعيب، نحن، بالأمس واليوم وفي الغد، نسعى إلى تطويره، إنما الطريقة التي كنا نتناول فيها المنجز والقضايا، والتي نوصل بها الرسالة إلى الناس اليوم ليست بنفس الطريقة التي تناولناها منذ عشرين عاماً، وهناك اختلاف بين الفكر لدى أجيال عاشت الماضي والحاضر، وسيختلف في المستقبل، والآن بعد خمسة وأربعين عاماً لسنا بحاجة إلى أن نركز على مشروع تنموي بذات الأسلوب الذي كان عليه ذلك سابقا، إنما نحن بحاجة إلى تناول هذا المنجز من منظور آخر، ولأبعاد أخرى، والتعمّق في فائدته للوطن والمواطن وللمجتمع ككل للمدى القريب والبعيد في آن واحد.

الإشاعات

نستاء كثيرا من الإشاعات التي تلاحقنا يوما بعد يوم، يضيف خالد: تكيّفت وعائلتي مع الإشاعات، ولكن للأسف بعضها تصل إلى حد الألم منها، فالإشاعة الأخيرة حول وفاتي في حادث أحدثت ضجة، وأزعجت الكثير سواء من داخل العائلة أو من خارجها فمنذ إنطلاق الإشاعة وإلى وقت متأخر من الليل وأنا أجيب على المكالمات التي تصلني للإطمئنان، فمن الإشاعات أنني تزوجت، وطلقت، وتم إيقافي عن العمل، وتم طردي، وكل ذلك خال من الصحة، فالبرامج في الإذاعة والتلفزيون قد تكون مدتها سنة أو سنتين فإذا انتهت المدة هذا لا يعني أبدا أن صاحبه تم إيقافه أو اختلف مع المسؤولين ولكن قبولك للظهور أمام الناس والعمل في مثل هذه المجالات المزدحمة بالإشاعات تكون لابد أنك قد حصنت نفسك ضد كل الإشاعات.

عمان أسرتي

الأسرة هي الملاذ وهي السكينة والاستقرار في الحياة، عبر خالد: ابني محمد وأخواته وأسرتي هم كل حياتي والحمدلله لدي أسرة كبيرة هي عمان وأهل عمان وإن لم أرهم، ففي أيام الأنواء المناخية تركت أسرتي من أجل كل الأسر وأنا أقول: “لدي أسرة أكبر من أسرتي الصغيرة” ولم أقلق عليهم لأنهم جزء من الأسرة الكبيرة في عمان، وبكيت رغم صبري وتحملي وتماسكي إلا أن هذا البكاء كان على أهلي وبلدي وتماسكي أمام الناس لمدة الثمانية والأربعين ساعة إنما كان لتقويتهم والشد من عزيمتهم.

الحلم

وعن سؤالنا حول الحلم الذي مازال يحلم به ولم يحققه أوضح خالد الزدجالي: هناك الكثير من الأحلام على المستوى الشخصي، وعلى المستوي الإعلامي، ومؤكد أنني أطمح للأفضل وأتمنى أن أقدم المميز  لما فيه من خدمة حقيقية للمواطن، والأمنية الأولى التي ترافقني دائما أنا يستمر حب الناس لي، وأن أكون أقرب إليهم، ووظيفياً أتمنى أن أقدم برنامجاً أطرح فيه قضايا الناس ويتم معالجتها في نفس اللحظة أو يتم متابعتها بشكل رسمي إلى أن يتم الإنتهاء منها وبالرغم من أن الفكرة ليست بالجديدة ولكنها ستضيف لنا الكثير، ولكن نتمنى أن لا تترك أفكارنا على الرفوف والهوامش، وإنما توضع في المياديين ويترك لنا مجال الإبداع أكثر.

الإعتزال

متي يمكنك الانسحاب من أمام (ميكرفون) الإذاعة وكاميرا التلفزيون؟ سألنا خالد الزدجالي فكان رده: متى ما شعرت أن عشقي لهما قلّ، وأحسست أن الموهبة أصابتها الشيخوخة، والهواية تحولت إلى مجرد مكان لإستلام راتب شهري مثل أي وظيفة خالية من الإنجاز وأصبحت شيئاً روتينياً فقيراً من البذل، والعطاء، والإنجاز.. سأعلنها أنني اعتزلت الأضواء.

وسام

وقبل أن ينتهي الحوار سألناه عن قصته عن الوسام، فردّ: هذا الوسام الذي يحمل اسم هذه البلاد الغاليه ويحمل اسم جلالة السلطان قابوس بمثابه المنعطف الحقيقي لمسيرتي الاعلاميه فهذا الوسام قد توج هذه المسيرة وزادني شرفاً، وحملني مسؤوليةً كبيرة لتقديم الكثير والكثير لهذه الارض المعطاء والولاء والطاعه لمولانا المعظم – حفظه الله ورعاه -.

استعاد خالد تلك التجربة.. يقول: تجربه الأنواء المناخية من التجارب الصعبه التي عاشتها البلاد وعاشها المواطن والمقيم ، فكانت من الايام واللحظات التي لا تنسى وكل شخص على هذه الارض كان له دور مميز وأنا واحد من مواطني هذه البلاد الطيبه قدمت ما يمليه علىّ ضميري وواجبي الوطني فقد كانت تجربه قاسية وصعبة ولم استطيع ان اتمالك نفسي (على الهواء) وانا اسمع من خلال الاتصالات بالتلفزيون استغاثات المواطنين وصور الدمار التي لحقت بالبنيه الاساسيه للبلد فلم استطع ان اتمالك نفسي  فأجهشت بالبكاء وسط ذهول فريق النقل المباشر معي وجمهور المشاهدين للتلفزيون لحظتها …

نشر هذا الحوار في العدد (1) من مجلة التكوين …

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق