مقالات

سجدة

حمده بنت سعيد الشامسية

قررت وأعتقد بإيحاء من إسلام جمال في كتابه (فاتتني صلاتي) أن أعود للصلاة على الأرض، بعد سنوات من الصلاة على كرسي بأمر الطبيب، نتيجة مشكلة صحية.
كنت قد اتخذت قرارا منذ سنوات بأن لا أكتفي بالقراءة، وأحرص على التطبيق، حتى لو خرجت بفكرة واحدة من أي كتاب اقرأ، قراران اتخذتهما بعد قراءة هذا الكتاب، كانا لهما تأثير رائع على حالة الخشوع في الصلاة، أولهما الاستغناء عن الكرسي، فقد وصلت إلى إدراك بأنني أمارس كثيراً من الأنشطة بما فيها رياضات المشي والمسير الحر، واليوغا وجميعها تتطلب استخدام ركبتي بدون أن يكون لهذه الرياضات أي تاثير سلبي عليها، فكيف يكون هذا مع الصلاة التي فرضها رب العزة وهو الذي لا يكلف نفسا إلا وسعها.
اللحظة التي وضعت فيها جبهتي على الأرض بعد كل هذه السنوات، كانت لحظة لن أنساها ما حييت، فاض الدمع غزيرا فيها، كانت أجمل سجدة في حياتي كلها، تمنيت فعلا لو أنها لم تنته، الصلاة ليست صلاة بدون السجود سبحانك ربي، المذهل أن مفاصل ركبتي تجاوبت معي بشكل مذهل مع الأيام، وجدت صعوبة في البداية لكن مع الاستمرار، اصبح الأمر اكثر سهولة.
الفكرة الأخرى التي قررت أن أنفذها هي أن لا أبدأ في الصلاة قبل أن تسكن جوارحي، حيث أقف لثوان، آخذ عدة أنفاس عميقة ثم أشرع في الصلاة – سبحانك ربي- لا استطيع ان اصف لكم تاثير هذه الخطوات الصغيرة، فعلا هي خطوة صغيرة كل ما يتطلب الأمر أحيانا لكن هذه الخطوات الصغيرة، تأخذك إلى آفاق لم تحلم بها مطلقا، بدأت أيضا في ملاحظة نفسي عندما اشرع أحيانا بسرعة إنهاء صلاتي، فاسال نفسي: ما هو الشيء الأهم من الصلاة الذي اسرع من أجله، فيأتي الجواب سريعا، فتهدأ جوارحي، وأدخل مرحلة الخشوع، التي كثيرا ما أفتقدها للاسف و أنا أؤدي فروضي في زحمة العمل، و بين المشاوير التي لا تنتهي، لكن تأتي لحظة يدرك المرء فيها أن لا شيء أهم فعلا من لحظة وقوف أمام الخالق.
يقال إن العلم نور، لكن من خلال تجربتي أرى أن النور هو في تطبيق العلم، وليس في العلم نفسه، فكرة الخروج بفكرة واحدة تعجبني وتطبيقها عملت فرقا مذهلا في كثير من جوانب حياتي،فكرة صغيرة جدا أحيانا لكن تأثيرها يمتد بنواحٍ عدة من حياتي، ولفترات طويلة قادمة قد تكون الحياة كلها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق