التقني

مبتكرون شباب يتفقون: “كورونا” حفزنا وفتح أمامنا آفاقا جديدة للابتكار

  • استطلاع: أنوار البلوشية                                
  • حلت جائحة كوفيد 19 وطرأت على العالم تغييرات جديدة على كافة الأصعدة، وتأثرت كافة القطاعات منها بشكل سلبي والآخر بشكل إيجابي، تغيرت مفاهيم كثيرة في حياتنا، وتغيرت نظرتنا إلى الأمور من حولنا، وأصبحت معادلة قياس الأشياء والزمن مغايرا تماما. وللمبتكر كان النصيب الأوفر في الاهتمام وتسليط الضوء عليه، حتى يأتي لنا بحلول عملية نتمسك بها للحد من انتشار الفيروس أو التقليل من تأثيراته. لذا استطلعت التكوين آراء المبتكرين الشباب حول تأثير هذه الظروف على المبتكر، وكيف سيصبح عالم الابتكار في المستقبل القريب.

بداية حدثنا ماجد بن سعيد البوسعيدي، متخصص في الالكترونيات والاتصالات، ومهتم بمجال الابتكار في الالكترونيات والبرمجة والمتحكمات الدقيقة: المهندس بدوره دائما ما يبحث عن المشاكل، سواء التقنية أو الفنية، فدور المهندس الأساسي هو حل هذه المشاكل، وتقديم الحلول الابتكارية، وتقليل وجود العوائق بأكبر قدر ممكن. عندما دخلنا في جائحة كورونا كانت الفرصة كبيرة جدا للمبتكرين بشكل خاص، لإيجاد الحلول سواء في تقديم المساعدة للمجال الطبي أو الاجتماعي أو الاقتصادي أو غيرها من المجالات، فقد شكلت هذه الجائحة فرصة واسعة لنا، الابتكار في زمن الكورونا فرصة كبيرة للمبتكرين وهو أيضا واجب وطني وإنساني.

وبسؤالنا حول مدى تأثير هذه الجائحة على المبتكرين وعالم الابتكار، أجاب قائلا: أرى أن تأثير هذه الجائحة نصفه إيجابي والنصف الآخر سلبي، فقد ظهرت مشاكل كثيرة استدعت إلى تدهور جميع المجالات في الحياة حتى يتأقلم العالم مع الأوضاع الجديدة فهو أمر سلبي حتما، ولكن الأمر الإيجابي الذي طرأ هو ما أجبر الناس والمبتكرين على التفكير في كيفية التعايش وإيجاد حلول تناسب المجتمع وتناسب الوضع الاقتصادي، من أجل تجنب تفاقم المشكلات أكثر مما هي عليه. في البداية بدا الأمر سلبيا ولكن مع مرور الوقت ظهرت الكثير من الجوانب الايجابية من خلال الحلول عبر الشبكة “أونلاين”، والتعلم والعمل والتسوق وغيرها من العمليات الحياتية التي أصبحت أغلبها يمكن ممارستها عن بعد. وأرى بضرورة تدريب وتأهيل الناشئة وصقل مهاراتهم في عالم الابتكار، حتى نكون مستعدين لمواجهة الصعاب التي سنواجهها مستقبلا، كورونا درس تعلمنا منه، لذلك يجب أن نتفادى العوائق إن حلت بنا أي مشكلة في المستقبل، بأن نمتلك الحلول والخطط المبتكرة.

العمل عن بعد هو المستقبل

وتوافقه الرأي الإيجابي نحو تأثير الجائحة على المبتكرين، فاطمة البطاشية، متخصصة في الكيمياء التطبيقية وأحد اعضاء شركة محيا الطلابية، حيث ذكرت قائلة: “كورونا” حرك عجلة الابتكارات، وجود هذه الجائحة يعد فرصة للتطور، والمساهمة نحو تحقيق أفضل الابتكارات في مختلف المجالات. ونحن كمبتكرين في شركة “محيا” لم نتوقف عن العمل، بل واصلنا العمل عن بعد، أرى أن العمل عن بعد هو المستقبل، أيضا حفزنا ذلك على الإنتاج بشكل أفضل، وزاد لدينا الحماس للعمل واكتشاف أجود الابتكارات.

وأضافت قائلة: بالرغم من أن انتشار الأخبار والشائعات التي تردنا كل يوم عن فيروس كوفيد 19 والتي تثير القلق والإحباط في نفوس بعض المبتكرين، مما يؤدي إلى فقد النشاط والحماس للاشتغال في الاختراع والتفكير واستغلال الوقت في إيجاد الحلول، إلا أن هناك جانب مضئ أكثر إيجابية جعلنا نحن المبتكرين نحصل على الكثير من أوقات الفراغ التي نستطيع استغلالها من أجل تطوير منتجاتنا، بالإضافة إلى الانضمام للدورات التدريبية، وعمل الاستشارات مع المختصين في مختلف المجالات لزيادة الكفاءة. لابد من الاعتراف بأن العالم لن يعود تماما كما كان في السابق، ولكن هذه الأزمة ساهمت في إعادة تشكيل الإنسان من الناحية الفكرية، وتدريبه على القدرة لإيجاد الحلول، وأيضا تمكين فئة جديدة من الشركات نتيجة مفاهيم جديدة وأفكار مستحدثة، وتنفيذها بأسلوب غير مألوف في العادة، أو استخدام أفكار وأدوات جديدة، سيتحقق النجاح في مجال الابتكار ولكن بأسلوب جديد علينا.

كورونا فرصة من ذهب

ويضم محمد الفارسي، تخصص هندسة كهربائية، وعضو بشركة سعف الطلابية، رأيه مع المبتكرين الشباب، ويقول: كورونا فرصة من ذهب لإعادة ترتيب الأوراق والأفكار والكثير من الأمور في الحياة، وأنا بشكل شخصي أضافت لي هذه الجائحة قيمة معرفية كبيرة، تعلمت من خلالها الكثير، طورت مهاراتي وأدركت كيفية الإدارة المالية في حياتي بشكل أكبر. وكمبتكر أرى أن الوضع أصبح ممتعا أكثر عند وضع الأفكار، من ناحية دراسة الفكرة بجميع جوانبها، فقد أصبح الجميع يتسابق لحل العقبات الاقتصادية والاجتماعية سواء من المبتكرين أو المهندسين أو غيرهم.

وأضاف قائلا: من منظوري الشخصي أرى أن تأثير كورونا إيجابي جدا، حيث أدركت أنني أستطيع انجاز الكثير من الأعمال عن بعد، وأيضا خرجنا بحلول للكثير من المشاكل، منهم من صنع أجهزة تنفس، ومنهم من ابتكر كمامات بأفكار جديدة، فالجميع أصبح يتسابق من أجل إيجاد الحلول، والقادم مبشر أكثر بإذن الله. أرى أن الابتكارات ستقفز عاليا وتحقق نقلة كبيرة في ظل اهتمام الحكومة الرشيدة، سيخرج الكثير من المبتكرين الشباب يتسابقون في التصنيع والابتكار، وستظهر شركات عمانية تصبح رائدة في تصنيع الأجهزة الحديثة.

محفز لإيجاد الحلول

ويضيف المبتكر حارب بن هلال الشيباني، قائلا: ظهر فيروس كوفيد 19 ولم أتوقف عن العمل في مجال الابتكار، فقد عملت في الآونة الأخيرة على ابتكار السيارة الكلاسيك التي تعمل بالطاقة الشمسية، والمميز في هذه الفترة هو التفرغ لعدم الانشغال بالحياة الاجتماعية، مما أتيحت لي الفرصة لإنجاز الأعمال، بالرغم من تأثيره السلبي على العالم وغرق الاقتصاد العالمي، ولكن هذه الظروف تحفز المبتكر للتفكير وإيجاد الحلول. أرى بأن الإنسان يجب أن يتعلم من هذه الظروف، وتكون لديه نظرة مستقبلية لتخطي العقبات.   

فرصة للتفكير خارج الصندوق

وعبرت ميعاد بنت سيف الفارسية، المتخصصة في هندسة البرمجيات، وعضو في شركة “روح” الطلابية، عن رأيها قائلة: في الحقيقه لو نظرنا إلى الجانب العملي، هناك نوع من الإحباط، لصعوبة الوصول لبعض الاحتياجات في إكمال المشاريع، ولكن من ناحية أخرى شكلت هذه الظروف فرصة لتطوير الذات، وتنمية بعض المهارات لتعزيز الابتكار والفكر المتقدم، كالالتحاق بالورشات والدورات التدريبية عن بعد، مما أتيح لنا المجال للبحث أكثر في تفاصيل الابتكارات والاختراعات، والتفكير خارج الصندوق، والتأني في معرفتها من كل الجوانب. فالجائحة بالنسبة لعالم الابتكار هي فرصة إيجابية للنشاط والعمل لإيجاد الحلول لتخطي هذه الأزمة بأقل الخسائر. والابتكارات في مجال الصحة والبيئة تضاعفت، ولكن في المجالات الأخرى أرى بأنها توقفت تماما لما بعد هذه الجائحة.

إبداعات شبابية جديدة

“الأوقات الصعبة ينشأ فيها المبدعون” هكذا بدأت حديثها أمل بنت محمد العبادية، متخصصة في هندسة المعالجة والصيانة، و المدير التنفيذي لشركة آدڤو الطلابية، وواصلت حديثها قائلة: بصفتي مبتكرة في مجال السياحة، التحدي الأكبر هو توقف الأنشطة السياحية تمامًا، لذلك أصبحنا نتجه إلى ابتكار أفكار جديدة في نفس المجال للتأقلم مع الوباء، ومن التحديات الأخرى التي واجهتنا التغيير في خطة العمل، والتغيير في عادات العملاء. ولكن في الجانب الآخر، زادت الجائحة من وقت الفراغ، وأصبحت لدينا فرصة أفضل لمراجعة خطة العمل، والتعلم من خلال المشاركة في دورات عبر الإنترنت أو قراءة الكتب والتقارير أو التواصل مع أصحاب الخبرة في مجال الإبتكار.

وأضافت قائلة: إن اتباع شغفك دائمًا يجعلك متفائلًا حتى في الأوقات الصعبة مثل هذه، وامتلاك عقلية إيجابية ليس بالأمر السهل ولكن علينا أن نكافح ونركز. اختفى الحماس في بداية الجائحة ثم عندما سمعنا أننا يجب أن نتعايش معها حاولنا إعادة الحماس بتغيير بعض خطط العمل. أثر فيروس كورونا على عالم الابتكار بشكل إيجابي وسلبي، حيث يتضمن الجانب السلبي بأن بعض الأفكار غير مناسبة للوضع الحالي خاصة تلك التي لا يمكن أن تكون في السوق الرقمي. الجانب الإيجابي والأهم هو أن الناس أصبحوا أكثر إبداعًا في ابتكاراتهم وأصبح استخدام الإنترنت أكثر فاعلية من الطريقة التي اعتادوا عليها، لقد نشر هذا الوباء الوعي بشكل فعال في مجال الابتكار. الآن يمكننا أن نستمد الإلهام من وسائل التواصل الاجتماعي من خلال متابعة الابتكارات المحلية التي ظهرت في هذه الجائحة، وهذا يعد تحفيزا للشباب، هذه الجائحة ستخرج بالتأكيد مبتكرين جدد وإبداعات شبابية جديدة.

دعم المبتكر كرائد عمل

وعلى الصعيد الشخصي تحدث علي الخروصي، مهندس طاقة ومبتكر، عن تأثير الجائحة عليه كمبتكر، قائلا: أنا كمبتكر ومخترع لا أخفي حقيقة أن كورونا زاد من حماسي في مجال الابتكار، حيث أصبح الجميع مرتبط مع الآخرين ببرامج التواصل الاجتماعي، مما ادى إلى زيادة متابعة الأشخاص لي وتشجيعي بشكل أكبر، وبوجود الفراغ والوقت الكافي أصبح بإمكاني صنع وتطبيق أفكاري بسهولة، حيث أصبحت أقضي وقت أطول في مختبري لعمل بعض التجارب العلمية، وأطور من نفسي رغم وجود الجائحة.

وعن مستقبل الابتكار بعد الجائحة ذكر الخروصي، قائلا: أرى بأن مجال الابتكار سيحتل مكانا بارزا في المستقبل، لأن كورونا أعطى الجميع درسا بأن الشاب والمبتكر العماني هو من سيقف مع وطنه لإيجاد الحلول للمشاكل التي تواجه السلطنة، واتضح ذلك من خلال تصميم وتصنيع الكثير من الأدوات الطبية، وأدوات التعقيم من قبل الكثير من المبتكرين العمانيين.

وفي نهاية حديثه ذكر الخروصي، قائلا: أتمنى من الجهات المسؤولة بأن تعيد النظر في سياستها في دعم المبتكرين والمخترعين، فالمبتكر يمتلك المهارات والقدرة على إيجاد الحلول التي لا يملكها أي شخص آخر، يجب دعم المبتكر كرائد عمل وليس كفكرة فقط، إن حصل المبتكر على مشروع قائم، سيستطيع من خلاله إيجاد مئات النماذج التي من الممكن أن تستثمر وتصبح منتجات محلية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق