العام

أبي المعظم قد رحل!

اخترقَ خبر النّعي سمعي، ألقيتُ بجسدي على ذلك الكرسي، فهوى كل ما كان يَجثم على قلبي، حتى وصل إلى أعمق قاع في الأرض، التي تحملني والكرسي.. ثقل عميق كعمق بئر عتيق، حزن واحد تفكك إلى أشلاء حتى أصبحت أراه أحزانا..

الشعور الذي لم أجد له مسمى، فقد تلاشى كل شعور بين الأشلاء، ما عدت أستطيع أن أرفع نفسي عنها أو أتحاشاها، كقطع الزجاج التي تناثرت من حولي، ما عدت أعي كيف ألملمها وأجمع شتاتها، وآهاتها وصرخاتها.

لا أتحدث عن حزن وطن، ولا أتحدث عن ألم شعب، أحاول جاهدة أن أرثي نفسي، فأبي قد رحل! رحل وطني، فتمزقتُ أنا إلى أشلاء وقطع، تناثرت روحي على حواف الحياة، على مفترق طريق الأحزان..

انزوت نفسي تعانق أشلاءها، كي لا تغدو ذكراه في مهب النسيان.. أو أحاول جاهدة، باحثة في زوايا الصور والكلمات والعبارات.. أنا ابنة هذا التراب، ابنة هذه الأرض، وابنة أوجعها رحيل عماد الوطن، باني نهضتها ومن رسم بيده ملامحها، وخطّ بعرقه بصماتها بأدق تفاصيلها..  

هذا الحزن مختلف، خليطٌ من الألم والوعد، الفراق قد أوجعنا، والحب قد سرى فينا أيما مسرى، لهذا الوطن وهذه الأرض.. على قدر الحزن الذي كسى أرواحنا، حلفنا بالعهد أن نصون ترابها.. كيف لفقدٍ أن يشحذ الهمم، وكيف لحزن أن يفجر أحاسيس العطاء والبذل والتضحية.    

وإن رحلت يا أبتي فنورك باقٍ، يضئ قلوبنا، وإن كنت قد جمعت وطنا في جسد رجل، ولكنك نثرت روحك حول مروجها ووديانها، في صحاريها وعلى جبالها، وفي كل شبر لعمان من أقصاها إلى أقصاها..

………………………………………

تتأرجح هي

تتأرجح أمنياتها

تتأرجح بين الحاضر والمستقبل

وحياتها لازالت تتأرجح

في الماضي..

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق