العام

قراءة عامة لحقوق المرأة ذات الاعاقة في الدول العربية

  محمد عبده الزغير

 واكبت الجهود العربية الاهتمام الدولي بحقوق المرأة ذات الاعاقة، حيث صدر الإعلان العربي للعمل مع المعاقين عن مؤتمر الكويت الإقليمي في العام 1981 مستنداً لما تضمنه ميثـاق العمـل الاجتماعي للدول العربية في عام (1971) واستراتيجية العمل الاجتماعي العربي (1979).. وغيرها من الاستراتيجيات التي نصت على أهمية رعاية المعاقين وتأهيلهم ودمجهم في المجالات الرئيسية للحياة الاجتماعية العربية.

   ولم تكتف الجهود العربية بإقرار عدد من الاعلانات والمواثيق التي أكدت على حقوق كل من المرأة وحقوق الأشخاص ذوي الاعاقة، في حياة كريمة بل سعت لعقد مؤتمرات واجتماعات عربية من أجل ضمان التعاون الدولي والاقليمي لكفالة هذه الحقوق، وإعمالها في الخطط والبرامج الوطنية للدول. وفي هذا السياق أعلنت جامعة الدول العربيّة عن العقد العربيّ للأشخاص ذوي الإعاقة (2004 – 2013) وذلك خلال القمّة العربيّة التي انعقدت في تونس في عام 2004.

  وقد شكّل اعتماد هذا العقد خطوة أساسيّة لأنّه حدّد، وللمرةّ الأولى، سلسلة من المبادئ والأهداف المتّفق عليها إقليميًّا، لتوجيّه الجهود الوطنيّة المبذولة في مجال الإعاقة. وقد انعكست هذه التطوّرات كلّها مجتمعةً على الدول العربيّة. فأعدّت الحكومات قوانين واستراتيجيّات وسياسات جديدة تعكس التغيّرات التي طرأت على مفهوم الإعاقة، وتساهم في تنفيذ أحكام اتّفاقيّة الأمم المتّحدة بشأن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والعقد العربيّ للأشخاص ذوي الإعاقة. وفيما يلي استعراض موجز لما تم تنفيذه من قبل الدول العربية بشأن الاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق المرأة المعاقة، ومستوى التقدم لأوضاع الاشخاص ذوي الاعاقة في مجالات السياسات والآليات والتشريعات:

1) مستوى تنفيذ الاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق المرأة ذات الاعاقة: شكلت قضايا وحقوق المرأة المعاقة في الدول العربية محور اهتمام الحكومات والمؤسسات الرسمية ومنظمات المجتمع المدني منذ نهاية القرن العشرين، الا ان هذه الجهود وبالتالي النتائج تفاوتت من دولة إلى أخرى وفقاً للظروف الاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها. وتركزت اغلب هذه الجهود في البداية على العمل في إطار شؤون المرأة والاسرة، اي تلبية الاحتياجات.

  ومع مصادقة الدول العربية على الاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الانسان أو بعضها، التزمت وفقاً للقانون الدولي، بالوفاء لتحقيق هذه الاتفاقيات والتشريعات، وبدأت تدريجيا الانتقال الى النهج الحقوقي الذي يركز على الحقوق بدلاً من الاحتياجات، وبذلك وضعت الحكومات حقوق المرأة والطفل والاشخاص ذوي الإعاقة.. وغيرهم في إطار استراتيجياتها وخططها وبرامجها الوطنية، وصارت ملزمة بتقديم تقارير دورية بشأن مستوى تحقيقها للتقدم المحرز من أجل تنفيذ هذه الاتفاقيات والتعهدات. ومما لا شك فيه انعكس هذا الالتزام على ظروف وواقع المرأة ذات الاعاقة في الدول العربية في عديدٍ من المجالات. والجدول التالي يبين موقف الدول العربية من اتفاقيتي القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة، واتفاقية حقوق الاشخاص ذوي الاعاقة.

جدول رقم (1) يبين تاريخ توقيع او مصادقة او انضمام الدول العربية الى اتفاقيتي

القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة، واتفاقية حقوق الاشخاص ذوي الاعاقة

الدولة

اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة

اتفاقية حقوق الاشخاص ذوي الاعاقة

تاريخ التوقيع

تاريخ التصديق او الانضمام او خلافه

تاريخ التوقيع

تاريخ التصديق او الانضمام او خلافه

الاردن

3/12/1980

1/7/ 1992

30/3/2007

31/3/2008

الامارات

6/10/2004 أ

8/2/2008

19/3/2010

البحرين 

18/6/2002 أ

25/6/2007

22/9/2011

تونس

24/7/1980

20/9/1985

30/3/2007

2/4/2008

الجزائر

22/5/1996 أ

30/3/2007

4/12/2009

جيبوتي

2/12/1998 أ

18/6/2012 أ

السعودية

7/9/2000

7/9/2000

24/6/2008 أ

السودان

30/3/2007

24/4/2009

سوريا

28/3/2003 أ

30/3/2007

10/7/2009

الصومال

2/10/2018

6/8/2019

العراق 

13/8/1986 أ

20/3/2013 أ

عمان

7/2/2006  أ

17/3/2008

6/1/2009

فلسطين

2/4/2014  أ

2/4/2014  أ

قطر

29/4/2009 أ

9/7/2007

13/5/2008

القمر

31/10/1994  أ

26/9/2007

16/6/2016

الكويت

2/9/1994  أ

22/8/2013 أ

لبنان

16/4/1997 أ

14/6/2007

ليبيا

16/5/1989 أ

1/5/2008

13/2/2018

مصر

16/7/1980

18/9/1981

4/4/2007

14/4/2008

المغرب

21/6/1993  أ

30/3/2007   

8/4/2009

موريتانيا

10/5/2001 أ

3/4/2012  أ

اليمن

30/5/1984  أ

30/3/2007

26/3/2009

المصدر: موقع مفوضية الامم المتحدة لحقوق الانسان

    ومن الجدول أعلاه، يلاحظ إن جميع الدول العربية صادقت أو انضمت الى اتفاقيتي القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة (عدا الصومال والسودان)، وعلى حقوق الاشخاص ذوي الاعاقة (عدا لبنان انضمت ولم تصادق).

   وتجدر الاشارة إلى أن هناك عديد من الدول العربيّة قد وقّعت أو صادقت أو انضمّت إلى البروتوكول الاختياريّ لاتفاقية حقوق الاشخاص ذوي الاعاقة، حتّى يوليو 2020، وهي: الأردن، والإمارات، وتونس، والجزائر، وجيبوتي، وسوريا، والسعوديةّ، والسودان، وفلسطين، وقطر، ولبنان، والمغرب، وموريتانيا واليمن. وعلى عكس ذلك لم تنضم الى البروتوكول الاختياري لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، عدا ثلاث دول عربية هي: تونس وفلسطين وليبيا.

  وبناءً على هذه المصادقة او الانضمام لهاتين الاتفاقيتين وغيرهما من الاتفاقيات والبروتوكولات المعنية بحقوق الانسان، فقد عملت الدول العربية على اتخاد عديد من التدابير والاجراءات لإعمال الحقوق التي وردت في الاتفاقيات.

2) مستوى التقدم في مجالات السياسات والآليات والتشريعات: 

   شهدت المجتمعات العربية تطورا نوعيا ايجابيا في المستويات التعليمية والثقافية والتشريعية والاجتماعية بخصوص المرأة العربية، كما شهدت نقلة نوعية في التعامل مع حقوق المعاقين خلال العقدين الأخيرين من القرن العشرين، مقارنة بالعقود السابقة. وتمثل هذا الاهتمام في اتخاذ العديد من الإجراءات، حيث أنشأت معظم الدول في المنطقة العربيّة آليّات تنسيق وطنيّة تُعنى بالإعاقة، وقد أخذت شكل مجالس أو لجان وطنية تُعنى بالإعاقة بصورة أساسيّة. وفي العديد من الحالات، يشارك عدد من الأشخاص ذوي الإعاقة في الآليّات المذكورة، ما يبرز إشراك الأشخاص ذوي الإعاقة مباشرة في عمليات وضع السياسات وصنع القرارات. 

  أمّا على مستوى الأطر القانونيّة الوطنيّة فقد اعتمدت عديد من الدول العربيّة موادَ خاصة بالإعاقة ضمن دساتيرها.  كما أعتمد عدد من الدول قوانين شاملة خاصة بالإعاقة. وقد أشار تقرير الإعاقة في المنطقة العربيّة في عام 2014 إلى أن نصف الدول العربيّة أعدت استراتيجيّة أو خطّة وطنيّة بشأن الإعاقة، وان الأطر المؤسّسيّة والتشريعيّة الشاملة المتعلّقة بالإعاقة توسّعت توسّعًا ملحوظًا في المنطقة العربيّة خلال السنوات الاولى من الالفية الثالثة. (1)والجدول التالي يبين مدى توفر الأطر المؤسّسيّة والقانونيّة الشاملة الخاصة بالإعاقة في الدول العربيّة.

جدول رقم (2) الأطر المؤسّسيّة والقانونيّة الشاملة الخاصة بالإعاقة في المنطقة العربيّة

الدولة

آليّة التنسيق الوطنيّة الخاصة بالإعاقة على مستوى الحكومة

مشاركة الأشخاص ذوي الإعاقة، مباشرة في الآليّة

نقاط الاتّصال المعنيّة بالإعاقة في الوزارات التنفيذيّة أو المؤسّسات الحكوميّة الأخرى

مواد عن الإعاقة ينصّ عليها الدستور

قانون عام أو شامل عن الإعاقة

استراتيجيّة أو خطّة وطنيّة عن الاعاقة

الأردن 

نعم

نعم

نعم

نعم

نعم

نعم

الإمارات  

كلا

نعم

كلا

نعم

كلا

البحرين 

نعم

نعم

نعم

نعم

نعم

نعم

تونس 

نعم

نعم

نعم

*

نعم

نعم

الجزائر 

نعم

نعم

..

نعم

نعم

..

جزر القمر

..

..

..

..

..

..

سوريّا 

..

..

..

..

..

..

جيبوتي 

..

..

..

..

..

..

السودان 

نعم

نعم

نعم

نعم

نعم

نعم

الصومال 

..

..

..

..

..

..

العراق  

كلا

نعم

نعم

نعم

كلا

عُمان 

نعم

نعم

نعم

نعم

نعم

*

فلسطين 

نعم

نعم

نعم

نعم

نعم

نعم

قطر 

كلا

نعم

كلا

نعم

نعم

الكويت 

نعم

كلا

نعم

نعم

نعم

..

لبنان 

نعم

نعم

كلا

كلا

نعم

*

ليبيا 

..

..

..

..

..

..

مصر 

نعم

نعم

نعم

نعم

نعم

كلا

المغرب 

نعم

نعم

*

نعم

نعم

نعم

السعوديّة 

نعم

نعم

نعم

نعم

نعم

نعم

موريتانيا 

..

..

..

..

..

..

اليمن 

نعم

نعم

نعم

نعم

نعم

*

المصدر: الإسكوا، استنادًا إلى البيانات التي تم جمعها من نقاط الاتّصال في الحكومات عبر الاستمارة بشأن تنفيذ اتّفاقيّة حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والعقد العربيّ للأشخاص ذوي الاعاقة، 2013. تقرير الاعاقة في المنطقة العربيّة – لمحة عامة، ص 14. المختصرات: (*) يجري تطويره حاليا؛ (-) يشير إلى ان البند لا ينطبق (..) غير متوافرة.

  ويلاحظ من الجدول أعلاه، انه تمّ اعتماد عدداً من الخطوات العملية من أجل تعزيز المؤسّسات والقوانين الوطنيّة الخاصة بالإعاقة، والتي أصبحت منتشرة حاليًا في المنطقة على نطاق واسع. إلاّ أنّه، وعلى الرغم من هذه التطوّرات، تشير البيانات المتوفّرة إلى أنّ الأشخاص ذوي الإعاقة، لا سيّما النساء ذوات الإعاقة، لا يزالون يعانون التهميش ولا يتمتّعون إلاّ بفرص محدودة للوصول إلى حق العمل اللائق والتعليم النوعيّ مقارنة مع أقرانهم غير المعاقين(2).

  ولم تتوافر بيانات في الجدول اعلاه، عن كل من سوريّا والصومال وليبيا، بسبب ظروف الحرب في هذه الدول. والمعلومات التي توفرت عن اليمن كانت لما قبل اندلاع الحرب، أي انها اليوم مختلفة عما سبق. فالحروب التي شهدتها وتشهدها عديد من الدول في المنطقة عملت ليس فقط على زيادة نسب الاعاقة ومخاطرها، وانما ايضاً قضت الى حدٍ كبير على الكثير من المنجزات والبنى التحتية التي تحققت لصالح الاشخاص ذوي الاعاقة في هذه الدول خلال مراحل البناء الوطني.

  ولان هذه القراءة لا تستهدف البحث المعمق للأوضاع العامة للأشخاص ذوي الاعاقة في الدول العربية ومستويات الحماية والخدمات المقدمة لهم، الا انها تستدل بما جاء في “تقرير الفقر والاعاقة في الشرق الاوسط وشمال افريقيا” في عام 2006 بشأن اوضاع الاشخاص ذوي الاعاقة، بهدف المقاربة الموجزة لمستويات الاداء في الدول العربية. فقد اشار التقرير بأن التعامل مع الاعاقة تتفاوت في طبيعتها واهميتها بين بلد وآخر، وبين جهة وأخرى ضمن البلد الواحد. وبشكل عام، يمكن التمييز بين عدة نماذج في التعامل مع مسألة الاعاقة:  

  • النموذج الأول: الدولة ذات الامكانيات والموارد حيث تعتمد الدولة سياسة تقوم على توفير الخدمات الاساسية للجميع ويستفيد الأشخاص المعوقين منها. 

  • النموذج الثاني: هو حيث الموارد المالية للدولة أكثر تواضعا ولكنها تتحمل مع ذلك مسؤولية مباشرة في رعاية الأشخاص المعوقين من خلال سياسات وبرامج متخصصة.
  • النموذج الثالث: هو حيث دور الدولة كمقدّم للخدمات هو اقل، ولكنها توفر اطارا تشريعيا وتقدم الدعم من خلال برامج وطنية مع اعتماد أكبر على القطاع الاهلي الذي يقوم بالدور أوسع.
  • النموذج الرابع حيث هناك تدخلات متعددة للدولة والقطاع الخاص والمنظمات الدولية، ولكن دون هيكلة وتكامل واضح في الادوار ضمن خطة او استراتيجية على درجة من التكامل(3).


 

(1) تقرير الإعاقة في المنطقة العربيّة – لمحة عامة، اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) وجامعة الدول العربيّة، 2014، ص 13.

 (2) المرجع السابق، ص 21

(3) أميمة جدع، تقرير الفقر والاعاقة في الشرق الاوسط وشمال افريقيا صادر عن منظمة الاحتواء الشامل في الشرق الاوسط وشمال افريقيا في شهر ابريل 2006، والمقدم الى المؤتمر التحضيري لإقرار الاتفاقية الدولية. وقد اعد هذا التقرير انطلاقا من عدد التقارير الوطنية من أحد عشر بلدان عربيا هي لبنان، فلسطين، مصر، العراق، قطر، الامارات، البحرين، الاردن، سوريا، السودان، ليبيا. نقلا عن اديب نعمة: الاعاقة: مقاربة تنموية انطلاقا من الاتفاقية الدولية، مركز الامير سلمان لأبحاث الاعاقة، الرياض، 2008، ص 10.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق