مقالات

دور الأُسرة في التّعلم عن بعد في ظل أزمة كوفيد19

بقلم: د. رضية بنت سليمان الحبسية

 

إنّ التّعليم المُدمج بشقيه التّعليم المباشر والتّعليم الإلكتروني، يُعدّ السيناريو الأنسب لاستكمال مسيرة التّعليم في ظل استمرار جائحة فيروس كورونا (كوفيد 19)؛ حفاظًا على صحة وسلامة الطلبة والعاملين في البيئة المدرسية والمتعاملين معها. ومع هذا الواقع فإنّ طبيعة أدوار الأسرة ستختلف عمّا كانت عليه في التّعليم التقليدي التي تقتصر على المتابعة لمستوى الطالب الدراسي، وتوفير الأدوات والمستلزمات التّعليمية، إلى جانب التّواصل مع المدرسة فيما يتعلق بالانتظام السلوكي للطالب.

 

في ظل تطبيق التّعليم عن بُعد كأحد شقي التّعليم المُدمج، يجعل المنصات التّعليمية مصدرًا هامًا من مصادر التّعليم والتّعلم. وبالمقابل فإنّه من المتوقع تزايد تعرض الطلبة لمخاطر الشبكة العالمية للمعلومات(الإنترنت) مع تزايد استخدام الأدوات والبرامج الإلكترونية عن طريقها. ناهيك عن حالات الانفعال والتوتر الناجمين عن تأثيرات التّباعد الجسدي في ظل ظروف جائحة كورونا. فالأمر يتطلب معه تغيّر في أدوار الأسرة بما يتلاءم والوضع الراهن.

 

يُلقي التّعليم عن بُعد على الأُسر بأعباءٍ إضافيةٍ، تتمثل في أدوارٍ تربويةٍ وتعليميةٍ مهمة؛ كونها شريكًا أساسيًّا في العملية التّعليمية التّعلمية. ليس استجابةً للظروف الراهنة فحسب، بل على المدى البعيد ؛ نتيجة تغيّر أساليب وأنماط التّعلم في العصر الرقمي والتكنولوجي على المستوى العالمي أجمع. لذا فإنّ الأمانة والمسؤولية والواجب الوطني يُفرض على الأسر القيام بالدور المناط إليها بكفاءةٍ عاليةٍ. ومن هذه الأدوار ما يلي:

 

أولًا الأدوار التربوية:

  • التّفاؤل بإيجابيات التّعلم عن بُعد، ومزاياه للأبناء والأسرة كافة. إذ يُتيح فرصة تعلم مهارات جديدة واكتساب خبرات متقدّمة في مجال التّقانة والمعرفة الرقمية. فطبيعة العصر تتطلّب مسايرته بما يجوّد نمط الحياة وبما لا يؤثر سلبًا على قيمنا وأخلاقياتنا ومبادئ ديننا الحنيف.

  • مساعدة الأبناء على اكتساب مهارات وأساليب التّعلم الإلكتروني، مع التّوعية بالمخاطر التي قد يتعرّض لها الطلبة أثناء فترة التّعلم. ومنحهم الثّقة في الإفصاح عن أية تفاعلات غير لائقة قد يتعرضون لها.

  • وضع قواعد استخدام الشبكة العالمية للمعلومات(الانترنت) بمشاركة الأبناء؛ لضمان التزامهم في الاستخدام الآمن للمواقع الإلكترونية، وتحقيق توازن صحي بين الوقت الذي يقضونه على الانترنت والأنشطة الأخرى.

  • توعية الأبناء حول الاستخدام الآمن للأنترنت، ونشر الثقافة القانونية بينهم، وأن هناك سلسلة من العقوبات لمرتكبي مخالفات الأمن الإلكتروني. (الابتزاز الالكتروني، الجرائم الإلكترونية).

  • تحصين الأبناء فكريّا، ومساعدتهم على التّمييز بين المحتوى الجيد والهادف وبين الإعلانات غير الهادفة أثناء التّعلم الإلكتروني؛ للتصدّي لأيّة موجهات أو قيم سلبية أو محتويات غير أخلاقية.

  • الإصغاء الفعّال للأبناء وتشجيعهم على التّعبير عن مشاعرهم، فقد تظهرُ آثار القلق والاضطراب عليهم؛ نتيجة تفشي جائحة كورونا واحتمال نقل العدوى، أو قلة خبراتهم في التّعلم عن بعد واستخدام البرامج التعليمية الجديدة.

ثانيًّا: الأدوار التعليمية:

  • توفير المناخ المادي اللوجستي المناسب لتعلم الأبناء، على سبيل المثال: تخصيص مكان لحضور الحصص الدراسية عن بُعد تتوافر فيه عناصر النظام والتهوية والإضاءة الجيدة، وإبعاد المشتتات فترة تلقي الدروس.

  • إشاعة جو من الثّقة والطمأنينة داخل الأسرة، وتشجع الأبناء على الالتزام بالجدول المدرسي والاستذكار المنتظم، والابتعاد عن الضغوط والقلق ومسبباتهما.

  • متابعة عملية تعلم أبنائهم وتقدمهم في الدراسة تحصيليًّا، خاصة لمن هم في المراحل الدراسية الأولى: الصفوف التمهيدية والحلقة الأولى من التعليم الأساسي؛ لعدم قدرة الطفل على الاعتماد التّام على نفسه نظرًا لخصوصية هذه المرحلة كونها مرحلة تأسيسية من حياة الطالب.

  • تحفيز الأبناء على التّعلم الذاتي، من خلال تنويع مصادر العلوم والمعرفة، وممارسة الأنشطة التّعليمية التي تنمي القدرات الذهنية والإدراكية والتحصيلية.

  • اكتشاف مواهب ومهارات أبنائهم، والعمل على تنميتها مع التركيز على المهارات الاجتماعية: كالاتصال والتواصل والحوار والاحترام والثقة في النفس، ومهارات التفكير العليا: كالتطبيق والتحليل وحل المشكلات، والإبداع، وتشجيعهم على ممارستها بانتظام، مع مراعاة عمر الطالب وقدراته وخصائصه.

  • تنظيم البرنامج اليومي للطالب بمساعدة الطالب نفسه، مع مراعاة فترات الراحة وممارسة الأنشطة الرياضية؛ لإبقائه متحمسًا نشطًا فترة الدراسة.

  • المتابعة المستمرة لانتظام الطالب في الدراسة، ومساعدته في التغلب على ما يعتريهم من تحديات بالتعاون مع المدرسة، والتّأكد من قيامه بالمهام والأنشطة المطلوبة منه، ومكافأته في حال الإجادة والتميّز.

  • توفير جهاز حاسوب مخصص للدراسة، خاليًّا من أية برامج أخرى ترفيهية أو ألعاب إلكترونية، قد تتيح الفرصة للطالب بالانشغال عن الحصص الدراسية، أو قضاء أوقات كبيرة أمام شاشات الحاسوب فتؤثر سلبًا على صحته الجسدية والنفسية معًا، أو الانعزال عن أفراد أسرته لفترات طويلة.

 

الخاتمة:

إنَّ دعم نجاح منظومة التعليم المُدمج، مؤشرًا على إدراك أهمية التحول في نظام التّعليم المدرسي بما يضمن مخرجات تعليمية مؤهلة قادرة على المنافسة العالمية في ظل الألفية الثالثة بقطاعات العمل المختلفة. فضلًا من أنّ السلطنة مُقبلة على مرحلة تتطلب التّقدم بثقة لتحقيق رؤية عمان 2040، بامتلاك العنصر البشريّ مهارات وكفاءات تتلاءم والثورة الصناعية الرابعة في مجال التّعليم والابتكار على وجه الخصوص. ولا يتأتى لها ذلك إلا بتكامل الأدوار بين شركاء المنظومة التّعليمية؛ وصولًا للنتائج المرجوة.

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق