العام

مراحل تطور الخدمات البريدية في السلطنة

تعتبر الخدمات البريدية في كل دولة إحدى الدعائم الرئيسية، لأن للبريد دورا حيويا في نقل وتسهيل وربط المجتمعات بالعالم الخارجي، لذلك كثيرا ما نرى أن العمانيين الذين هاجروا لطلب العلم أو لقمة العيش كانت الوسيلة الوحيدة للتواصل مع ذويهم الرسائل.

خالد المعمري
باحث في التاريخ البريدي

ولو عدنا إلى بداية الخدمات البريدية في السلطنة قبل وضعها الحالي فهي مرت بأربع مراحل رئيسة حتى وصلت إلى المستوى الحالي الذي نراه اليوم. ويعود ذلك إلى ظهور شركة الهند الشرقية كمنظمة تجارية وسياسية قوية منذ نشأتها كمؤسسة تجارية في لندن، وتأسست بموجب مرسوم ملكي للملكة اليزابيث الأولى سنة 1600م وتم فتح مكاتب سياسية في الخليج العربي وكان يديرها المقيم السياسي البريطاني. ولعب موقع السلطنة الجغرافي حلقة الوصل بين تجارة الشرق والغرب.
ويعد ميناء مطرح  بوابة الدخول والخروج للخليج العربي وربطه بالمحيط الهندي وشرق أفريقيا وعدن حيث كانت التجارة مزدهرة.
المرحلة الأولى
كانت توجد حاجة ماسة لإنشاء خدمات بريدية بالدول التي لها مصالح مع بريطانيا العظمى. وقد تم إنشاء وكالات بريدية بدول الخليج ومن ضمنها مسقط، وكانت هذه الوكالات أو المكاتب البريدية في بداية الأمر تتلقى التعليمات من إدارة البريد الهندية في بومباي. ومن هنا انطلقت المرحلة الأولى، مرحلة الخدمات البريدية في السلطنة، وهي مرحلة الإشراف الهندي، وكانت البداية بتاريخ 1 مايو 1864 حسب الوثيقة الموجودة بمتحف البريد الهندي بنيودلهي، وتثبت بدء الخدمات البريدية في السلطنة وحتى استقلال الهند وخروج بريطانيا منها بتاريخ 15 أغسطس 1947م.


وهناك اختلاف حول افتتاح أول وكالة بريدية أو وجود الخدمات البريدية في عمان، حيث ذكرت بعض المصادر عن تاريخ بدء الخدمة البريدية في السلطنة عام 1856 لكن الباحثين لم يجدوا وثائق أو مستندات تؤكد صحة هذا التاريخ الذي ورد مرة واحدة في كتاب روبسون لو ( Indian Stamps Used Abroad ) (الطوابع الهندية المستخدمة في الخارج)، طبع سنة 1940، ومنذ ذلك الوقت تنتقل المعلومة من مرجع إلى آخر حتى وصلت للباحث نيل دونالسون وبين بإيضاح الحقيقة وله عدة كتب ومراجع عن تاريخ الخدمات البريدية في الخليج وعمان. كتب في هذا الموضوع وذكر التاريخ الحقيقي والموثق وهو الأول من مايو سنة 1864م ونشر الكتاب في سنة 1920م.
وما يؤكد هذا أيضا أنه تم العثور على وثيقة موجودة حاليا بمتحف البريد الهندي تؤكد التاريخ الفعلي لافتتاح أول مكتب بريد في السلطنة. ونوع الختم الذي يستخدم في المراسلات عند بدء الخدمة كان على شكل ماسي بداخله الرقم 309 بتاريخ 1 مايو 1864م.


وكانت الخدمة بعمان تدار من مكتب بريد مومباي حتى تم نقله وجميع مكاتب الخليج وبعض مكاتب العراق وفارس التي كانت ً تدار من دائرة بريد بومباي إلي ادارة السند (كراتشي) في إبريل 1869م، وثم أعيد مرة أخرى إلى إدارة مومباي في عام 1879م، ثم توزعت مرة أخرى بين بوشهر وبومباي (منذ نوفمبر ١٨٨٩ ولغاية مارس ١٨٩٢)، ثم عادت إلى بومباي في أبريل ١٨٩٢، وقد يكون سبب النقل إداريا بحتا أو تنظيمياً.
في المرحلة الأولى تم استخدام الطوابع الهندية التي كانت عليها صور ملوك بريطانيا، ولذلك نجد أن أول الطوابع الهندية التي استخدمت بعمان تحت دائرة الإشراف الهندي تحمل صور الملكة فيكتوريا وكتب عليها بريد الهند الشرقية حتى العام 1877 حين أصبحت الملكة فيكتوريا ملكة على الهند وتغير الاسم على الطوابع ليكون بريد الهند بدلا من بريد الهند الشرقية وظلت تستخدم حتى 1900م.
وفي الفترة من 1902 الى 19011م استخدمت طوابع مجموعة الملك إدوارد السابع
وبعدها وللفترة من 1911 الى 1937 استخدمت طوابع مجموعة الملك جورج الخامس.
ومن 23 أغسطس 1937 إلى 1947 استخدمت طوابع الملك جورج السادس. وفي تاريخ 20 نوفمبر 1944 تحديدا تم إصدار مجموعة من الطوابع مكونة من 15 طابعاً موشحة بكلمة آل بوسعيد، وكتب عليها تاريخ 1363 هجرية، وبمناسبة مرور 200 عام على حكم أسرة آل بوسعيد لعمان. هذا بالنسبة للطوابع التي تستخدم على المراسلات. كما صدرت مجموعة أخرى من الطوابع المالية تستخدم للمعاملات الحكومية والأوراق الرسمية بنفس الوقت ووشحت أيضا بعبارة آل بوسعيد.
لكن الملاحظ في هذه الفترة، وهي فترة الإشراف الهندي على الخدمات البريدية بعمان وبعض دول الخليج، تم استخدام الطوابع الهندية، ولكنها تحمل صور ملوك بريطانيا، لأن الهند كانت تقع تحت السيطرة البريطانية، نظرا لأن الاستعمار البريطاني في شبه القارة الهندية بدأ في عام 1858 وانتهى في 15 أغسطس 1947م.

المرحلة الثانية
المرحلة الثانية هي مرحلة الإشراف الباكستاني على الخدمات البريدية، وتعتبر أقصر مرحلة من مراحل الخدمات البريدية، نتيجة استقلال الهند عن بريطانيا وانفصال باكستان عن الهند أيضا التي بدأت في 15 أغسطس 1947 واستمرت لغاية 31 مارس 1948م، وهي فترة قصيرة. وتعتبر المواد الموجودة لهذة الفترة قليلة ونادرة جدا بسبب قصر الفترة، ولكن هنا ذكرت بعض المراجع أن بداية الفترة الانتقالية إلى باكستان في 20 ديسمبر 1947م والصحيح أنه بهذا التاريخ تم توشيح الطوابع الهندية المستخدمة بكلمة باكستان، ولكن تظل هذه الفترة هي شغل الباحثين بالتاريخ البريدي لقلة وجود المراسلات لتوثيق التواريخ الفعلية.

المرحلة الثالثة
المرحلة الثالثة وهي مرحلة الإشراف البريطاني على الخدمات البريدية، إذ تمكنت الإدارة العامة للبريد البريطانية من تولي الوكالات البريدية في دول الخليج وكانت. فترة الاشراف على الخدمات بالسلطنة من 1 أبريل 1948 إلى 29 أبريل 1966م،
وكان مكتب البريد يدار من مقر إقامة المقيم السياسي في القنصلية البريطانية، وكان يدار بواسطة ابناء البلد.
في الفترة الثالثة استخدمت الطوابع البريطانية في سلطنة عمان مع توشيحها بالعملة المحلية المستخدمة ذلك الوقت وهي فئة الآنه والروبية، وكان أغلب طوابع هذه الفترة تحتوي على صور الملك جورج السادس والملكة إليزابيث الثانية، وظلت تستخدم هذه الطوابع في عمان حتى نهاية الإشراف البريطاني على الخدمات البريدية في 29 أبريل 1966م.
المرحلة الأخيرة:

مرحلة الاستقلال البريدي
المرحلة الأخيرة وهي مرحلة الاستقلال البريدي عن الإشراف الأجنبي بتاريخ 30 أبريل 1966م، الذي بدأت فيه الإدارة العمانية الإشراف على الخدمات البريدية في سلطنة عمان. وصدرت أول مجموعة طوابع عادية مكونة من 12 طابعاً باسم مسقط وعمان يحمل البعض منها شعار السلطنة بخلفية صور لميناء مسقط، وبقية الطوابع عليها صور للقلاع الموجودة في السلطنة. وكانت فئات الطوابع مكونة من البيسة والروبية.
وفي 9 أغسطس 1970 أعلن صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم تغيير الاسم من مسقط وعمان إلى سلطنة عمان. وبتاريخ 16 يناير 1971 طرحت أول مجموعة موشحة بهذا الاسم، ومنذ ذلك التاريخ وإلى اليوم تتوالى الإصدارات لكل المناسبات المحلية أو الدولية على حد سواء.


العلامة المائية: هي الجزء غير المنظور من الطابع، والمقصود منها الرسم الذي لايظهر على الطابع إلا بعد النظر إليه بتمعن أو بواسطة مكبر، وبعضها لا يرى إلا بأجهزة خاصة للعلامة المائية. والهدف منها الحد من ظاهرة التزوير. وهنا يتم الكشف بين الطابع الأصلي من المزور عن طريق العلامة المائية.
التوشيح: هو تعديل قيمة الطوابع إما بتغيير القيمة الاسمية أو بتغير اسم المناسبة أو اسم البلد، ويتم التوشيح على طابع سبق أن أصدر من قبل. وتجري العملية بشكل مستعجل لعدم تمكن الإدارات البريدية من إصدار طوابع لمناسبة ما فيتم التوشيح بشكل مستعجل.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

إغلاق