العام

“البلد كله أحمر” .. الطابع الصيني الذي كاد يودي بمصممه للمشنقة

كتب: خالد المعمري

باحث في التاريخ البريدي

“البلد كله أحمر” هو طابع بريد صيني صادر في 24 نوفمبر 1968 متضمنما بعض الأخطاء، إلا أن ذلك لم يكتشف إلا بعد صدوره. وما يميز هذا الخطأ وجود خارطة للصين كتب عليها عبارة “البلد بأكمله أحمر”، ويظهر على الطابع صورة لمزارع وجندي وفتاة صينية ومن خلفهم الشعب وهم يحملون كتابا أحمر. وتوزعت على الطابع اقتباسات من الكتاب الأحمر لخطابات الرئيس ما وتسي تونغ (مؤسس جمهورية الصين الشعبية). وفي الطابع لم تكن تايوان مظللة باللون الأحمر وإنما باللون الأبيض.

 

 كان السبب الرئيسي لسحب الطابع هو أن جزر سبراتلي وباراسيل كانت مفقودة من الخريطة (جزر سبراتلي هي أرخبيل يتكون من مجموعة من الجزر الصغيرة المرجانية غير المأهولة، الواقعة في بحر الصين الجنوبي، بين كل من فيتنام والفلبين والصين وبروناي وماليزيا وتبلغ مساحتها حوالي 4 كيلومترات). ( أما جزر باراسيل المعروفة أيضا باسم شيشا أو يونعشينغ في الصينية فهي مجموعة من الجزر والشعاب، تقع تحت سيطرة جمهورية الصين الشعبية، وهي متنازع على ملكيتها من قبل الصين وتايوان وفيتنام. وتسيطر الصين على هذه الجزر منذ الحرب القصيرة التي خاضتها ضد فيتنام الجنوبية)، كما أن هناك خلافات حدودية بين منغوليا وبوتان وميانمار.

 

جرى توزيع الطابع  لمدة تقل عن نصف يوم عندما لاحظ مأمور البريد الخطأ وأبلغ وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات بذلك فورا. ونتيجة لذلك، اضطرت جميع مكاتب البريد الصينية إلى التوقف عن بيع الطابع وإعادة جميع النسخ وسحبه والتخلص منه، لكن خرجت منه كمية بسيطة مع هواة الطوابع الصينين، وكانت مناسبة الإصدار هي الثورة الثقافيه التى مرت بها الصين  في 16 مايو 1966، حيث دشن الزعيم الصيني ماو تسي تونغ ثورة البروليتاريا الثقافية الكبرى. حذر ماوتسي تونغ آنذاك من أن من أسماهم بممثليّ البورجوازية قد اخترقوا الحزب الشيوعي، وهذا سيعمل على اجتثاثهم. وكان إعلانا مزّق المجتمع الصيني. ويعتبر ما خرج أو تبقى من هذا الطابع الآن من أندر وأثمن الطوابع لما يحمله من تاريخ وقيمة حيث تم بيعه عام 2011 في مزادات Interasia

وقال مصمم الطابع، وانغ ويشنغ، في مقابلة مع وكالة فرانس برس: “لقد كنت قلقًا لفترة طويلة من سجني خوفا من الإعدام”،  إذ أنه ارتكب خطأ فادحا لرمز وطني وهو الطابع الذي يعد شيئا مقدسا كعلم الدولة.

وللأسف الشديد تحصل في عالمنا العربي من بعض الإدارات البريدية أخطاء فادحة رغم مراجعتها لأكثر من شخص،  ولكنها تمر دون أي محاسبة، وتتكرر الأخطاء في أكثر من إصدار، رغم وجود لجان متخصصة بمتابعة الطابع قبل صدوره.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق