التقني

شَغفٌ لم يَنطفِئ

بقلم: ريم الحبسية

‫هَل لنا أن نُخاطب عقولاً، ونتبادل أطراف الحديث بِعُمقٍ أَدبيّ، وشِعرٌ مُنمّقٍ جميل، وسَرد نصّاً يحمل أسراراً في مضمونه، ونتابِع فيلماً بِرسالةٍ عظيمة، ونتناول فنجان قَهوةٍ عرَبيّة أصيلَة، لِنَبتَعِد قليلاً عن سوء المرحلة، وتشَارك الأخبار الحزينة، ونتجَاذب مع القِوى الموجبة المختزنة، وطَاقَة السّعادة.

الشّغف هو شَيءٌ غير مرئي، نَشعُرُ بِه في ذواتِنا، يَقِفُ بين الكلمة والمَعنى، بين القَلب والعقل، بين القول والفِعل، بين الحيَا وما تخبئ، وبين العَين وما ترى. هو محاولة في خَلقِ روحٍ لِلمُشاركة مع الحيَاة، ومع مختلف مجالاتها وأحوالها وصَورِها، أن نتجاهل الصّورة الصحيّة للعالم ونتعايش معها، وفي الوقتِ ذاته نُمارس شغفنا وما يُسعدنا.

الواجَب الذي أصبَح على عاتقنا هو أن نُخبِئ في قلوبنا ما فعله بِنا الجانب الشرقيّ من العالم، وألا نهتم بما انطفَئ في أرواحنا، وأن نعيش شغفنا بتشَارك كِتاباً جميلاً، أو مسلسلاً عجيباً، أو نَستِمع لأصواتٍ تعنينا، ونرسمُ لوحَة مشاعرنا، ويُصبح لكلّ شغفنا قصّة مكتملة تناقض الواقِع الذي فاضت بهِ قصصنا الموقوفة وأحلامنا غير المكتملة.

نعيشُ نحن وشَغفنا حالة شعورية لم يكن لهَا سابِقة، ولم تعي أذهاننا منذ أن وُلِدت أننا سنعيشها لِوهلة، لأن فِطرتنا اعتادت على أن تعيش بسَعادة غامِرة في فِعل أي شيء والحديث عن أمور يختلف مسَارها تَمام الاختلاف عن واقِع مسَاراتنا وروتين الأيّام الذي رُسِم بِالخبرة والمَعرِفة. حتّى أن داهمنا وَقت مُختلفٌ جِدّاً فيه أصبحنا نتسامَر نحن ولَيل أيّامنا المتشابهة، ونجتمع بفريق عَملنا صباحاً من خلف الشاشة، وأمَلنا الوحيد هو أن نَبتعد عن أصدقائنا لنُنقذ العالم، وتفاؤلنا الكبير أمسى في أننا نفرح بالعيد بِكل ما ينقصهُ من فرح!

الشَغف جِسراً يَصِل بين مجَالٌ يُمثّل الشّخص ابتداءً من إنسَانيّته، وعقليته، وروحه، وقلبه، وعمره، ومبادئه إلى خلق وأخلاقياته، ليَمتَد هذا الجِسر إلى جانبٍ آخر ومجَال يمثّل ميوله العاطفيّة، وحسه الإبدَاعيّ، ونَظرته البَعيدة للمستقبل، ونقطَة تأمّله المبتَكرة، وجمَاليّة الطّبيعة في عينه. تماماً مثل حال أن نستمر في حرب إنقاذ العالم من منازلنا، ونفكر بكل ما أوتينا من فكر في المستقبل الذي ينتَظرِنا بذراعيه الدّافئتين.

وَقفَة احترام وتَقدير، للبشَريّة العظيمة بعقولها، التي توقّفت عن تشارك أخبار جائحة عمّت العالم، واستمَرّت في صنع يومِها بُحبٍّ وأمَل وحيَاة. وللقلوب الصّامدة التي اوقَفت أحلامها ولم تطفئِها لأنها ستكتمل محالة، وللأرواح المؤمنة بيقينٍ تام قوله تعالى – ويُدَبِّر الأمر – وأصغت بكل جوارِحها لله تعالى حين قال – قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا – صدق الله العظيم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق