الثقافي

الدكتورة باربارا لـ « التكوين»: لا أستطيع العيش في دولة بعد بولندا إلا في عُمان

عندما وجدت دكتورة بولندية تتحدث اللغة العربية وبالاقتراب منها والتحدث إليها اكتشفت أنها مولعة بالأدب العماني والخليجي بشكل عام وبسحر الطبيعة العمانية وجمالها بشكل خاص. إنها الدكتورة باربارا ميخالاك بيولسكا رئيسة قسم اللغة العربية بمعهد الاستشراق في جامعة ياجيلونسكي البولندية التي تحدثت عن قصتها مع اللغة العربية وزياراتها للسلطنة وما قدمته من دراسات للأدب العماني خصوصا والخليجي عموما.

حاورها: سيف المعولي

تقول الدكتورة باربارا عن بداية قصتها للتعرف على السلطنة: «كنت في زيارة لزوجي في الكويت حيث كان يعمل، فتعرفنا على الاستاذ محمد ربيع الذي كان يعمل في السفارة العمانية بالكويت فقال إنه من الضروري لنا أن نزور عمان لأنها أجمل بلد في الدنيا».
وتضيف: «حصلنا على تأشيرة وذهبنا الى السلطنة عام 1997 وفعلا وجدناها جميلة، ولم أكن أتصورها بهذا الجمال فهي بلد نظيف والناس طيبون».
وتوضح الدكتورة في حديثها:«نحن ذهبنا إلى هناك ولم نكن نعرف أحدا إلا الاستاذ محمد ربيع الذي التقيناه في الكويت، لكننا استطعنا خلال فترة بسيطة التعرف على الأدباء والشعراء في النادي الأدبي والنادي الثقافي والأماكن التي كنا نزورها».
وتواصل حديثها عن زيارتها الأولى للسلطنة قائلة: «بدأت أكتشف عمان الجميلة ، فأحببت أشياء كثيرة فيها مثل: نظافتها وترميم الآثار فيها فأنا أحب الأشياء القديمة وقد رأيت مدى اهتمام العمانيين بآثارهم إلى جانب أن العمانيين لطفاء ويساعدون الآخرين وكذلك أعجبت بالطبيعة العمانية الجميلة».
وتوضح: «عندما كنت أعيش في الكويت والبحرين كنت أفكر بأن عمان صحراء لكنني تفاجأت بالجبال والأودية والخليج والمحيط».
وتؤكد الدكتورة حبها للسلطنة قائلة: «أي شخص يزورها يحبها، وأنا في كل مرة أسافر من عمان أبكي، ودائما أقول إنني لا أستطيع العيش في مدينة بعد مدينتي إلا في عُمان».
وعن فكرة كتابتها عن الحياة الأدبية في السلطنة تقول الدكتورة: «أثناء زيارتي أخبروني عن الحياة الثقافية العمانية وكيف كانت قبل مجيء السلطان في عام 1970 وبعد مجيئه، فقلت في نفسي في ذلك الوقت إنه لا بد لي أن أعود إليها مرة أخرى لأكتب عنها».
وتضيف الدكتورة باربارا: «رجعت إلى بولندا، ولمدة 3 سنوات كنت أحاول الحصول على منحة أو مبالغ من وزارة التعليم العالي البولندية فحصلت على تمويل لكتاب ورحلة إلى عمان مع الإقامة فيها لمدة شهرين، لكن حدثت لي مشكلة في التأشيرة فقام المهندس سعيد الصقلاوي بتوجيه دعوة خاصة لي وهو كان مسؤولا عن تأشيرتي وتأشيرة زوجي وابني».
وتتحدث الدكتورة عن زيارتها الثانية للسلطنة قائلة: «وصلنا الى السلطنة عام 2000م وجلست فيها شهرين أجمع معلومات وكتبا، و يساعدني في ذلك مجموعة من العمانيين مثل الأستاذ سيف الرحبي وطالب المعمري، حيث إنني كنت أعمل من الفندق وأحيانا أذهب إلى مكتب مجلة نزوى وأحيانا أذهب إلى النادي الثقافي».
وتُكمل حديثها: «رجعت إلى بولندا واستغرقت في الكتابة لمدة سنتين إلى ثلاث سنوات، ثم أصدرت كتابا بعنوان «الشعر والنثر المعاصر في عمان- في الفترة من 1970 إلى 2000م» وهو يُعنى بالحياة الأدبية خلال 30 عاما، أي بعد مجيء السلطان قابوس إلى الحكم، فلم أكتب عن الفترة قبل مجيئه لأنني لم أجد حينها شيئا مكتوبا عن الحياة الأدبية للسلطنة في تلك الفترة».
وتوضح الدكتورة:«كتابي يقع في 400 صفحة، وقد درست فيه الشعر الكلاسيكي الفصيح وكذلك قصيدة النثر، وكتبت كذلك عن القصة القصيرة والرواية العمانية التي كانت بسيطة في ذلك الوقت».
وعن سبب اختيارها لدراسة الأدب دون غيره من العلوم تجيب الدكتورة: «اخترت دراسة الأدب العماني والخليجي لأنني استاذة متخصصة في الأدب العربي وأعمل رئيسة قسم اللغة العربية بمعهد الاستشراق في جامعة ياجيلونسكي البولندية، ولذلك فأنا كتبت أكثر من 15 كتابا وأكثر من 150 مقالة علمية عن الأدب الخليجي حيث بدأت الكتابة عن الأدب الكويتي ثم العماني ثم البحريني ثم الإماراتي وحاليا أكتب عن الأدب السعودي وبعد ذلك سأكتب عن الأدب القطري»، مضيفة :«إلى جانب ذلك فأنا قدمت أوراقا علمية كثيرة في مؤتمرات بأوروبا والعالم العربي».
وحول بداية معرفتها بشيء اسمه عُمان والخليج تقول الدكتورة باربارا: «خلال أيام دراستي عرفت عن شيء اسمه عمان والخليج العربي لكن لم نكن نتحدث عن هذه الدول كثيرا ولم نكن نعرف عنها سوى أن فيها نفطا، أما الآن فنتذكر انا وعائلتي الايام الجميلة التي قضيناها في عمان خصوصا وفي الخليج عموما».
وعن كيفية تعلمها للغة العربية وهل قرأت القرآن الكريم توضح الدكتورة: «عندما كنت في منحة دراسة بالكويت تعلمنا مادة عن الحضارة وتعلمنا من خلالها التاريخ العربي والاسلام وسورة الفاتحة، إلا أن تعلم اللغة العربية بالنسبة لنا كان صعبا جدا لذلك لم نستطع قراءة القرآن باللغة العربية لكن قرأت آيات منه باللغة البولندية ،كما أننا حين نقرأ سطرين مثلا من الشعر الجاهلي باللغة العربية نحس بصعوبة لذلك نفضل قراءة الأدب المعاصر لانه متشابه مع الفنون الادبية الموجودة معنا».
وتتحدث الدكتورة باربارا عن اهتمام المجتمع البولندي بالأدب العربي فتقول: «سابقا لم يكن هناك اهتمام أما الآن فالاهتمام أكبر لكن للأسف لا توجد معنا برامج خاصة عن الأدب العربي، وأنا دائما أقول لهم إن هذا خطأ لان هناك احداثا كثيرة تحدث في العالم العربي وينبغي معرفتها في مجتمعنا البولندي بشيء من التفصيل دون الاكتفاء بالعناوين التي لا تظهر الحقيقة كاملةً، ونتمنى في المستقبل زيادة البرامج والمحاضرات في بولندا عن العالم العربي».
وتختتم الدكتورة حوارها معنا بالحديث عن أفكارها المستقبلية قائلا: «ان شاءالله العام القادم ستنشر جامعة اكسفورد مجمع الرواية العربية وانا كتبت فيه عن الرواية في عمان و البحرين، كما أنني لا بد أن أرجع إلى الأدب العماني لاني انتهيت من كتابي عنه في 2002م أي قبل 13 عاما تقريبا لذلك لا بد أن أرجع خصوصا مع وجود الحركة الادبية والثقافية الكبيرة في الخليج حاليا ، حيث انتقلت إليه هذه الحركة من العراق وسوريا ومصر بسبب الحروب، وأنا سعيدة كوني أول واحدة تكتب عن الادب الخليجي الحديث في اوروبا».

نشر الحوار في العدد السادس من مجلة التكوين..

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً

إغلاق
إغلاق