السياحي

سينترا.. بينا، والباقالاو

بدر الوهيبي

 

 

عندما كنت في جولة المشي السياحية في لشبونة طلبت نصيحة المرشد المحلي عما يمكن فعله في مدينة “سينترا بعد أن عزمت على الذهاب إليها؛ نصحني “ماركو” بثلاثة أشياء، زيارة قصر “بينا”، والتجوال في مركز المدينة، أما الشيء الثالث فهو تناول طبق “الباقالاو” الذي تشتهر به البرتغال عموما وسينترا خصوصا.

كنت أعلم أن مدينة سينترا لا يكفيها الوقت الذي خصصناه لزيارتها، فهي مدينة مترامية الأطراف وتشتهر بكثرة القصور التاريخية. أستطيع القول إن ماركو استطاع مساعدتي في استغلال رحلتي إلى سينترا قدر الإمكان، فقصر بينا هو أفضل وجهة سياحية في المدينة، في الحقيقة هو لم يكن قصرًا وحسب؛ بل كان مدينة مصغرة تزينت بحديقة غناء ترويها جداول مائية وبرك خلابة زادت المكان رونقًا وكأنها قطعة قدت من جزر “الأزور” الأطلسية البرتغالية.

لم يكن ذلك الصباح مثاليًا لزيارة القصر على كل حال؛ فقد تتابع هطل الرذاذ مما أفقدنا تلك الصورة الصافية لجمال القصر وصفاء صفرته. كما أن قدرتنا على رؤية أطلال العاصمة البرتغالية باتت ضعيفة بسبب ذلك الرذاذ. حيث تشير المعلومات أنه من الممكن رؤية لشبونة بوضوح من أعلى القصر الذي يحتل أعلى تلة في سينترا؛ ولكن ليس في ذلك الصباح.

لقد أصاب ماركو كذلك باقتراحه التجوال في مركز المدينة رغم صغره؛ فقد استمتعنا بالمشي تحت الرذاذ المتواصل ورؤية مبانٍ قديمة ومتاحف تشبه القصور. لقد أمكن التعرف إلى الاختلاف الذي يجعل سينترا أكثر جاذبية من لشبونة خصوصا فيما يتعلق بالجانب التاريخي والأثري.

لم أكن متيقنًا من تجربة الباقالاو كما نصحنا ماركو؛ بيد أن الصدفة جعلتنا وجها لوجه أمام مطعم وسط المدينة يعرض صورة كبيرة لوجبة مع سمك “القد” وكأنما هي وجبة المدينة الرئيسة. لم نتردد حينها من دخول المطعم والاستفسار عما إذا كان يقدم الباقالاو حسب الطريقة التي وصفها لنا المرشد البرتغالي، قبل أن نجلس إلى أحد الطاولات وننتظر الطبق الموعود.

يجيد البرتغاليون التعامل مع أنواع السمك في أطباقهم، فهم الذين اشتهروا كذلك بأطباق مختلفة من السردين والكائنات البحرية. كما أن طبق الباقالاو نفسه يقدم بعدة طرق وباستخدام أنواع مختلفة من السمك أشهرها سمك القد الذي كان على مائدتنا. قطع متوسطة طبخت على مهل باستخدام زيت الزيتون وقدمت مع الخضراوات المطهية.

وصل المسلمون أيام الفتوحات الأندلسية إلى سينترا وقد كانت تسمى حينئذ “شنترة” ولا تزال آثارهم باقية خاصة في القصور التي أخذت من العمارة الإسلامية الأندلسية، ولا تقل مكانة عن لشبونة وشنترين.

___________________________

 

من رحلتي إلى البرتغال فبراير٢٠٢٠
رحالة وكاتب عماني
مؤلف كتاب (تذاكر سفر)
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق