كلمتين راس

نجومية الوزير

محمد بن سيف الرحبي

كنّا.. ننتقد بحدّة المؤسسات الصحية في البلاد، وذهب البعض للمطالبة بإقالة الوزير، باعتباره المسؤول الأول على ما يحدث فيها من “مواجع”: أخطاء طبية تبدأ من التشخيص وصرف الدواء، ولا تنتهي بالمواعيد التي أصبحت مثالا للتندّر.

لم يتغيّر شيء من ذلك، حيث لم نسمع عن إجراءات للتغيير والتطوير في قدرات الوزارة وكفاءة إدارتها لقطاع واسع حظه أنه يتعامل مع الإنسان وهو في أشد حالات ضعفه، مريضا يغالب من أجل الحياة، وهو يرى الموت أقرب إليه، خاصة بما تكرّس من ثقة في مستشفيات البلاد، فيتمسك بقشة اسمها العلاج في الخارج “على مساوئه.. بدءا من التكاليف الباهظة”، وبعضهم قشته ستذهب به إلى العلاج الشعبي والمشعوذين.

لكن الجائحة “الكورونية” جعلت من معالي وزير الصحة نجما، ليس لأن مشاكل وزارة الصحة حلّت، وأصبحنا لا نشكو منها، بل لأن المواطن استمع لصوت الوزير، عرف أنه إنسان مثله يواجه الضغوط والتحديات ويعمل بدأب ليل نهار، لكن المواطن لا يعرف ذلك ولا يعنيه، لأن ما يقيّم به أي مسؤول هو جودة الخدمات المقدمة عبر الجهة التي يتولاها، تماما كخدمات الإسكان والكهرباء والمياه والاتصالات والجوانب البلدية وغيرها، مما تمسّ حياته بشكل مباشر.

نرى معالي الدكتور فنراهن على ما سيقوله، لعله سيمنحنا جرعة تفاؤل بعودة الحياة إلى طبيعتها بعد انسحاب شبح “كوفيد” التاسع عشر، وقد عاث بحياتنا بما سيبقينا مذهولين زمنا، لكن الرجل يخاطبنا بواقعية، كأخ أكبر حريص علينا، ربما لم يقنع “الجميع”، باعتبار أن ذلك معجزة لن يجتمع عليها البشر في آدمي، لكنه كان قريبا.. لأنه كان يخاطبنا، وكانت المؤتمرات الصحفية لغة مقاربة بين المواطن والحكومة، قد ينسى المواطن أزمته حينما يتحدث إليه المسؤول، بدون أن تغلق الأبواب في وجهه، ويطل عليه معاليه من “برجه العاجي”، واجدا في مفردات اللغة ما يبرر له “تعاليه”..

تحدث إليه “السعيدي” كإنسان، فنسينا، ولو قليلا، أزماتنا مع وزارة الصحة، وربما هذه التجربة ما ستعرّف معاليه، وغيرهم من أصحاب المعالي، على أن الحياة الحقيقية والواقعية يشعر بها الناس، مهما حاولت تجميلها وترقيعها تقارير إدارات الإعلام في الجهات الرسمية أو الخاصة، أو حتى التقارير الدولية، تلك التي لا يهتم بها المواطن إن وجد أن موعده في عيادة القلب سيكون عام 2021، وأن أشعة الرنين المغناطيسي لا تتوفر إلا بعد…. 

كنّا ننتقد، وما زلنا، وسنبقى، ليس لأن الأمور سيئة، بل لأنه لا يليق بها إلا أن تكون جيدة جدا.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق